مع تسجيل فيروس “كورونا” أعلى المعدّلات محلّياً، تتزامن فترة العودة إلى المدارس، في حين أنهى الطلاب عامهم الدراسي عن بعد، وتعلموا من أمام الشاشات الالكترونية في المنزل أكثر من على مقاعد المدرسة في تجربة هي الأولى من نوعها. ولا يزال الطابع الذي سيتّخذه انطلاق العام الدراسي الجديد ضبابياً في ظلّ الأوضاع الصحية الراهنة والتخوّف من ارتفاع عدد الإصابات بين أواخر أيلول وأوائل تشرين بسبب الاختلاط بين الانفلونزا والوباء. فهل العودة ممكنة؟ وبناءً على أي أسس يتّخذ القرار؟ وفي ظلّ أي ظروف سيكون التعليم في حال فتح المدارس أبوابها؟ وما الإجراءات الواجب اتباعها؟
هذه التساؤلات طرحتها “المركزية” على ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي، فأوضحت “أننا اجتمعنا في اللجنة العلمية الطبية في وزارة الصحة في نصف آب الفائت مع الخبراء والأخصائيين، واتّفقنا على ضرورة وجود ضوابط ترافق العودة إلى المدرسة، أي لا يمكن متابعة النشاط الدراسي تبعاً للأسلوب القديم. ومن أبرز التوصيات أن تبدأ العودة مع طلاب الصفوف الكبيرة، بحيث يكون لهؤلاء الوعي المطلوب للالتزام بالإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامة، إلى الحرص على التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين وملازمة المريض منزله… إلى ذلك، لا يجب أن يتعدى عدد الطلاب الـ 50% من قدرة الصف الاستيعابية مع إبقاء مسافة متر على الأقل بينهم، ويجب تنظيف الصفوف يومياً وبشكل مشدد، من دون أن ننسى مطهرات اليدين وغيرها من المتطلبات المفترض توفّرها في حال العودة… وفي الوقت نفسه اوصينا بتقليص ساعات التدريس، أي جعل فترة تواجد الطلاب في المدرسة أقصر من المعتاد، لأن ذلك يساهم في تفادي استخدام المرحاض مثلاً أو تناول الطعام في المدرسة، وإلغاء أي شكل من أشكال التنشئة الاجتماعية في الملاعب وغيرها، فينهي الطالب الحصص ليغادر فوراً إلى منزله”.
وأضافت “كذلك، توصّلنا إلى فكرة اعتماد أسلوب يجمع ما بين التعليم عن بعد والمباشر، ومن المفترض أن تُراجع هذه التوصية في منتصف الشهر الجاري، أما الصفوف الصغيرة فمن المفضّل البقاء على التعليم عن بعد، لكن عقبة الأهل العاملين تعترض هذا القرار، كون الأمر معقدا ولن يكون عملياً مع بقاء الطفل في المنزل، إلا أنه عرضة لالتقاط الفيروس ونقله ما يجعله أداة لانتشاره. من هنا، نحاول تحقيق توازن قدر الإمكان ما بين الوضع الصحي والحاجة إلى التعليم وتحديداً المباشر وإمكانية التعليم عن بعد والمزج بين الإثنين”.
وفي ما خصّ التداول بفكرة إجراء فحوصات PCR دورية للطلاب والأساتذة على غرار ما حصل في بعض الدول التي عاد طلابها إلى المدارس، لم تؤيد الشنقيطي هذه الفكرة كثيراً “لأنها هدر للفحوصات، خصوصاً أننا نحاول أن نكون استراتيجيين جدّاً خلال إجرائها، وعند اختيار العينات كونها مكلفة على الجميع. ورأت أن “إجراء فحص لا يعني أنه يمكن التصرف على راحتنا وأننا في أمان، بل المفترض أن نعتاد على وجود الكوفيد – 19 ونتعايش معه لأنه سيستمر في الفترة المقبلة ولن نتخلّص منه هذه السنة أقلّه، لذلك علينا تغيير عاداتنا بعض الشيء والتأقلم مع المعايير الجديدة”.
وإذ أوضحت أن “الأعداد في لبنان مقلقة لكن غير كارثية حتى اللحظة والوضع محلياً أفضل من دول أخرى ولا شكّ أن الحادث الأليم في 4 آب ساهم في تضاعف الحالات خلال فترة قصيرة”، اعتبرت أن “إذا أردنا ربط عدد الإصابات بقرار العودة إلى المدارس، فيجب أن نطبق طرقا للتعايش مع الفيروس لحين التوصل إلى اللقاح. واتباع الإجراءات الصحيحة يمكنه أن يساهم بدرجة كبيرة في الحدّ من انتشاره داخل المدارس وفي الوقت نفسه تأمين التعليم، بالتالي يمكن اتخاذ قرار بالفتح في حال ضمان تطبيق إجراءات الحماية اللازمة”.
وعن نظرتها إلى الوضع الصحي العام في البلد، اشارت الشنقيطي الى أن “الفرصة لا تزال سانحة لإعادة عجلة العداد إلى الخلف عبر تخفيف الإصابات والضغط على المستشفيات، لكن هذا لن يحدث إلا إذا عملت كلّ الجهات المعنية، ومن ضمنها المواطن، يداً بيد. أما البقاء على هذه الوتيرة من الإصابات اليومية فيمكن أن يوصلنا إلى مكان صعب، من هنا ضرورة وأهمية التزام الجميع بالإجراءات الوقائية”.