Site icon IMLebanon

عودة: حاولوا تدمير لبنان بالسلاح.. فقام من تحت الركام!

رأى متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أن “المواطن فقد الثقة بدولته وحكامه. ومن أجل استعادة هذه الثقة يلزمنا عمل دؤوب يرتكز على الجدية والشفافية والموضوعية، كما يلزمنا إصلاحات جذرية تستأصل كل سرطان الفساد والمحسوبية والإرتهان، وكل آفات هذا المجتمع. ”

وتابع:”نحن بحاجة إلى تغيير سلوكنا تجاه وطننا والتوقف عن استغلاله من أجل المصالح الشخصية، نحن بحاجة ماسة إلى أناس أوفياء للبنان. نحن بحاجة إلى دم جديد من أجل إدارة البلاد وإلى رؤية جديدة تدخل لبنان في منهجية جديدة قائمة على تطبيق الديمقراطية بكل مفاهيمها، وفصل السلطات، وتحصين القضاء بإبعاده عن السياسة والسياسيين، واحترام الدستور وتطبيقه، واعتماد المساءلة والمحاسبة، والإقتصاص من كل من يتخطى القوانين أو يسيء إلى الوطن كائنا من كان.”

وقال عودة في عظته خلال قداس الأحد: “حاولوا تدمير لبنان بالسلاح، فقام من تحت الركام، حاولوا تغيير وجهه الثقافي فلم يستطيعوا، لكنهم ما زالوا يحاولون. عملوا على تهجير أدمغته، ومن لم يهاجر اغتالوه. حاربوا القيم والأخلاق من خلال زعزعة أسس العائلة، ولا يزالون.”

ورأى عودة أن “لبنان المذكور أكثر من سبعين مرة في الكتاب المقدس يحمل بركة من الرب، يحاول كثيرون نزعها منه. الحروب التي شنت على بلدنا كثيرة، وأنواعها متعددة.”

ولفت إلى أن “لبنان الصغير بين إخوته، هو كبير بأبنائه، الذين يدهشون العالم كل حين، أينما حلوا، وقد أدهشوه أكثر بعد آخر نكبة أصابتهم قبل شهر من اليوم. ظنوا أنهم سيصغرون لبنان إن فجروه وشرذموا أبناءه، إلا أن الكارثة أعادت اللحمة بين إخوة الوطن الواحد.”

وأضاف: “لبنان ليس حبرا على ورق، بل هو واقع يتجلى كل حين بقيامة تلو الأخرى. لبنان لا يكبر بالمهرجانات الخطابية، ولا بالاستنكارات والوعود. لبنان يكبر بالأفعال، خصوصا إذا كانت أفعال محبة وصدق وتضحية كالتي شاهدناها مؤخرا. لبنان لم يقتله التفجير الذي أصاب قلبه، عاصمته الحبيبة بيروت، بل كان هذا التفجير صدمة كهربائية أعادت لهذا القلب نبضه، على الرغم من الموت والدمار الذي خلفهما.

واعتبر أن “الكارثة وحدت سكان بيروت المنكوبة، والأمل بإعادة بنائها جمعهم. لبنان يكبر بأبنائه المتحدين، الممسكين بعضهم بعضا يدا بيد، ويصغر بأبناء يرفعون السلاح في وجه بعضهم يتقاتلون أو يغدرون بعضهم بخنجر في الظهر. لبنان، هذا الكرم الذي نهبه العملة الذين سلمهم إياه الله ليرعوه، سيندمون عندما يقوم البلد من كبوته، وهناك يكون البكاء وصريف الأسنان. الدينونة التي تنتظرهم عظيمة، لأنهم أهملوا الأمانة وأساؤا التصرف وعندئذ “يهلك (السيد) أولئك الأردياء أردأ هلاك ويسلم الكرم إلى عملة آخرين يؤدون له الثمر في أوانه”.

وأشار الى أن “المواطن يتطلع إلى دولة المواطنة والقانون والعدالة والمساواة. نحن نتطلع إلى دولة واحدة موحدة، إلى شعب واحد لا شعوب، إلى انتماء للوطن لا غش فيه، إلى قرار واحد للدولة لا قرارات متعددة. نريد دولة قوية متينة الكفاءة فيها هي المعيار لا المحسوبية، والقانون يضمن فيها المساواة بين المواطنين فيكونون مواطنين في دولة، متساوين في الحقوق والواجبات. نريد دولة لا شراكة فيها، لأن الشراكة تقتضي شركاء يتقاسمون الحصص، ونحن بحاجة إلى مواطنين ينتمون إلى وطن يحفظون حدوده من كل خطر، يحترمون دستوره ويطبقون قوانينه، ويصرخون كلنا للوطن، ويرددون كلنا للوطن، لا يرضون بوطن سواه.”

وشدد المطران عودة على أن “بلدنا بحاجة إلى عملة يخافون الله، ويعملون بناموس المحبة. ما نراه اليوم لا مكان للمحبة فيه. كل ما يقوم به الفعلة الحاليون يجلب الموت البطيء على الذين لم يقضوا أجلهم بتفجير أو حادث سير ناتج عن إهمال السلامة العامة، أو غير ذلك من أساليب القتل المعنوي التي تهدد عيش المواطن ومستقبله.”

وسأل عودة: من سيعمل على تطبيق هذه المبادئ والإصلاحات؟ أعتقد أن بانتظار مجلس الوزراء الجديد عمل جبار. ولكي يقوم بهذا العمل نتمنى أن يكون أعضاؤه من ذوي العلم والخبرة والكفاءة والنزاهة والضمير الحي والقلب المحب. عليهم أن يشكلوا فريق عمل متجانس، بعيد عن المناكفات والمحاصصات، يتحلون بالجرأة والإقدام، وهدفهم بناء دولة حديثة لا فساد فيها ولا اهتراء. عليهم أن يكونوا قدوة في محبة الوطن والتضحية من أجله لا استغلاله وإغراقه في المشاكل والديون.”