غادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان مستنداً إلى تعهد القوى السياسية بتطبيق بنود المبادرة الفرنسية التي تقضي بتشكيل حكومة في مهلة أسبوعين، لتباشر تنفيذ إصلاحات بنيوية، قبل عودته الى بيروت في كانون الاول المقبل. وأوحت الاستشارات النيابية غير الملزمة مع الرئيس المكلف ان مسار التأليف سيسير بالمرونة نفسها كعملية التكليف، غير ان ما رشح عن مسار عملية التأليف، دفع بكثيرين لاستحضار شياطين التفاصيل من خلال بروز طروحات ومطالب خارجة عن سياق التعهدات التي قطعها بعض المسؤولين أمام الراعي الفرنسي.
فالتعارض برز في رؤية كل من رئيسي الجمهورية والحكومة لشكل الحكومة فالرئيس ميشال عون، ومن وراءه التيار الوطني الحر، يسعى إلى حكومة موسعة تحافظ على أحجام القوى السياسية، في حين يطمح مصطفى أديب الى تشكيل حكومة مصغرة بعيدة عن المحاصصة. وفق المحلل السياسي حنا صالح، فإن أديب «تفاجأ» بابتعاد قوى المنظومة السياسية عن سياق التعهدات التي قطعتها أمام الرئيس الفرنسي.
ويضيف صالح أن اديب، وبعد لقائه عون، لمس فيتو رئاسياً على أي اسم لا يوافق عليه، كما برز تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المالية. وفي ما خص التوافق الأميركي ــ الفرنسي الذي من شأنه تسهيل ولادة الحكومة المنتظرة، يلفت صالح الى تنسيق فرنسي – أميركي واضح ومعلن، لكن ممثلي واشنطن يقولون التنسيق لا يعني الموافقة (..)، والخلاف لا يقتصر على الموقف من حزب الله، بل مع منظومة الحكم التي تعتبرها جهات أميركية متواطئة في الفساد مع حزب الله، وجميعهم يتحمل مسؤولية تفجير المرفأ. ويرى صالح أن الفرصة غير مفتوحة أمام المبادرة الفرنسية التي قد تضيعها مناورات المحاصصة في حين تتسارع إمكانية فرض «محاسبة أميركية» من خلال «قانون ماغيتنسكي» في وقت لم يعد بعيداً، وهذا القانون وفق التوصيف الاميركي يتيح معاقبة المسؤولين الحكوميين الفاسدين! في المقابل تتحدث مصادر مواكبة لعملية التأليف عن أوراق قوة يمتلكها أديب يستطيع من خلالها تجاوز المعوقات الداخلية. اولها استناده الى دعم دولي مفتوح، يعبر عنه بشكل متواصل الرئيس ماكرون.
وفي هذا الاطار كان لافتا ما ذكر عن انضمام المدير العام لجهاز المخابرات الفرنسية برنار ايمييه إلى جهود تشكيل حكومة جديدة. والأهم أن أديب يحظى بغطاء من الطائفة السنية. وتلفت المصادر الى ان حالة الجمود التي تسيطر على مسار تشكيل الحكومة الجديدة لا يعكس حقيقة الامور. فالاتصالات والمشاورات تجري بعيدا عن الأضواء بين اديب ومعظم القوى التي أيدت تكليفه.
وبرغم شح المعلومات عن أسماء مرشحة للتوزير فإن طبيعة هذه الحكومة وحجم المهام الجسيمة المنوطة بها، يرسم سلفا بروفايلات عدد من المرشحين، من ذوي الكفاءة والاختصاص.