كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
ما أقبح المشهد اللّبناني المترنّح على الصُّعُد كافّة، والذي ما كان ينقصه إلا اقتراب لبنان من نادي الدّول التي تفتقد أي ثقة دولية، وذلك من خلال بعض الممارسات غير الشرعية، التي تنطلق من أراضيها.
فمن هو المسؤول عن التلاعُب بمصير وحياة اللّبنانيّين، وعن دفعهم الى ممارسة الهجرة غير الشرعية الى أوروبا عبر السواحل اللّبنانية؟ ومن يُمكنه أن يستطلع السّبب الكامن خلف ذلك، غير الأزمة الإقتصادية والمعيشية المستفحلة؟
فإذا وضعنا الدولة اللّبنانية في خانة الدّول التي لا تمتلك وحدها خيوط الأحداث التي تدور فيها، نسأل عمّا إذا كانت تركيا بتأثيرها المتزايد في لبنان، تُساهم في تحويل السواحل اللّبنانية الى مُنطَلَق للهجرة غير الشرعية الى أوروبا، وهو ما دفع قبرص الى الإعلان عن إرسال وفد، خلال اليومَين القادمين، للتباحث مع السلطات اللّبنانية حول سُبُل منع قوارب محمّلة بمهاجرين غير نظاميّين من الإبحار عبر السواحل اللّبنانية نحوها، ولا سيّما بعدما اعترضت عدداً غير مسبوق من هذه القوارب خلال الأيام القليلة الماضية.
شدّد مصدر مُطَّلِع على أنه “لا يُمكن للبنان أن يسمح لمهاجرين غير شرعيين أجانب بعبور أراضيه أو مياهه الى أوروبا، في شكل منظّم. ومعظم القوارب التي رصدتها قبرص تحوي لبنانيّين في شكل أساسي، وليس سوريّين أو فلسطينيّين، وهو ما يؤكّد أن لا هجرة غير شرعية منظّمة عبر الأراضي اللّبنانية”.
وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “القوى الرسمية اللّبنانية ساهرة دائماً، ودوريات قوات “يونيفيل” ناشطة، والقوات الدولية مسؤولة عن طول الخط الساحلي البحري. ولكن المُنطلقين من البحر هم لبنانيون، وليسوا من جنسيات دول تُمارس الهجرة غير الشرعية في شكل منظّم، وهو ما أبعد أي شُبهة عنهم. ولكن نؤكّد أن الوضع في لبنان تحت السيطرة، وهو مختلف عمّا تفعله تركيا على حدود أوروبا، ولا يُمكن مقارنته به أبداً”.
وأعطى المصدر “الحقّ الكامل للطرف القبرصي بالتحرّك تجاه لبنان، والتحدّث مع السلطات اللّبنانية في هذا الشأن، وهو ما سيجعل قبرص تعلم أن القوى الرسمية اللّبنانية تمنع يومياً قوارب هجرة غير شرعية، غير لبنانية، من الإنطلاق الى أوروبا عبر السواحل اللّبنانية، ولكن دون إبلاغ الإعلام بذلك”.
وأكد أن “بلوغ بعض اللّبنانيين السواحل القبرصية بطريقة غير شرعية لن يتكرّر، لأن كل المعلومات تؤكّد أنه سيزداد التشدُّد على اللّبنانيين أيضاً في هذا الإطار، وليس فقط على السوريين والفلسطينيين وغيرهم، وسيتمّ ضبط النّقاط التي من الممكن أن تمرّ عبرها قوارب الى خارج النطاق الإقليمي اللّبناني”.
وردّاً على سؤال حول دور تركيا في هذا الإطار، أجاب المصدر:”ربما يكون لتركيا مصلحة في تحويل لبنان الى ساحة للهجرة غير الشرعية الى قبرص واليونان وأوروبا، ولا سيّما أن لا أحد يُمكنه أن يشكّ بأن يُصبح للبنان هذا الدّور. ولكن يتوجّب على الدولة اللّبنانية أن تقوم بواجباتها بالكامل، وأن تتّخذ التدابير اللّازمة لمنع تنفيذ ما يُمكن لهذه الدولة الأجنبية أو تلك، أن ترغب بفعله انطلاقاً من لبنان”.
ورأى أن “الأساس يبقى في يد الدولة. فهل يُعقَل مثلاً أن لا ترتفع حظوظ تشكيل الحكومات بلا ضغط فرنسي أو دولي؟ وهل يُعقَل أنه حتى الساعة، لا تزال بعض القوى تحلم بتشكيل حكومة وحدة وطنية، متناسية أن هذا النّوع من الحكومات هو الذي أوصل لبنان الى الفشل والأزمات والكوارث؟”.
وأضاف:”لدينا ستّة أحزاب أساسية فاعلة في البلد، ولكن لا أحد قادراً من مكوّناتها على الإتّفاق مع الآخرين. وبدلاً من أن يحصروا خلافاتهم بمجلس النواب، ويتركوا الحكومات تعمل لتسيير شؤون البلد والناس، نجدهم يتحاربون على طاولة مجلس الوزراء. فأي بلد يُمكنه أن يستقيم في تلك الحالة؟”.
وختم:”لا يزال الوضع اللّبناني حتى الساعة، ورغم كلّ المبادرات، مثل من يُحاول أن يزوّج فتاة الى شاب، بالقوّة، رغم أنّهما لا يريدان ذلك. فالى متى يُمكن لزواجهما أن يصمد في تلك الحالة؟”.