كتبت سلمى الحاج في “الجمهورية”:
لا يمكن لرئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن يخرج ويُعلن على الملأ اسم الرئيس المكلّف مصطفى أديب من دون ضوء أخضر سعودي. كما لا يمكن لنادي رؤساء الحكومات السابقة، مدعماً بدار الفتوى، أن يتفق على اسم مصطفى أديب رئيساً مكلّفاً من دون ضوء أخضر سعودي.
مرّ التكليف بحسب «الشرعية الطائفية»، لكن تبقى العبرة بالتأليف.
تفيد مصادر رئيس الجمهورية ميشال عون، أنّه يرغب بتأليف حكومة من 24 وزيراً، بعيداً من دمج الحقائب. فالتجربة في الحكومة السابقة لم تسمن ولا تغني من جوع. فيما تؤكّد مصادر الرئيس المكلّف أنّها تفضّل حكومة مصغّرة من 14 وزيراً أو على الأكثر 18 وزيراً، من ذوي الاختصاصات والكفاءات، والأهم أنّ الوجوه جديدة وغير مستفزة، وهذا مطلب فرنسي بالدرجة الأولى، تضاف إليه ضرورة فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية عن بعضهما.
تفيد المعلومات، أنّ البعض اقترح على الرئيس المكلّف ان تكون حكومة من 20 وزيراً، وتضمّ وجوهاً سياسية، لاسيما في الحقائب السيادية، لتسهيل مهمة التأليف والحكم. فالغطاء السياسي، كرُقيةٍ شرعية سياسية، تحمي الحكومة المنتظرة من صيبة العين، يبدو أنّها نصيحة محب للرئيس المكلّف ومخضرم بالسياسة اللبنانية.
يبدو أنّ الغالبية تسعى لحكومة مصغّرة. وها هو الكاردينال بشارة الراعي يدعو بدوره لحكومة طوارئ مصغّرة.
في المقابل، هناك قوى أخرى لا تعوّل كثيراً في الوقت الراهن على حكومة كبيرة كانت أم صغيرة، وذلك لاعتبارات دولية أكثر أهمية. وتبعاً لذلك، يؤكّد قطب سياسي، أنّ لا شكل الحكومة ولا حجمها حُسما حتى الآن. وإن كانت الحكومة من 22 وزيراً، مع نائب الرئيس والرئيس، أصبحنا 24. إذاً، حتى الآن يبدو أنّ كل شيء حالياً في إطار النقاش.
وإذ يعتبر القطب السياسي، أنّ الرئيس مصطفى أديب إمكانية للحلول وحاجة ضرورية، وذلك انطلاقاً من الدعم والتسهيل الدوليين الفرنسي والأميركي، يؤكّد أنّ الفرنسي وبضوء أخضر أميركي، هو الطريق الوحيد لحلحلة العِقد اللبنانية، وإلّا فلبنان إلى الفوضى، والأبواق وحدها التي تنظّر من هنا وهناك وتعارض من هنا وهناك ليس كافية.
ورغم هذا كله لا يستبعد السياسي المذكور تأليف الحكومة وتسهيل هذه المهمة، وأنّ عليها الأخذ بمضمون الإصلاحات اللازمة.
ويلفت القطب السياسي، الى انّ لحظة الانتظار المفصلية، هي الانتخابات الأميركية قولاً واحداً. وكل ما يجري الآن تضييع وقت، سواء بتأليف الحكومة أو عدمها. وبعد الاستحقاق الأميركي لكل حادث حديث، بما فيها عدم استبعاده لحكومة جديدة.
وعن الضوء الأخضر السعودي لتولّي أديب الحكومة، يعلّق القطب السياسي بالقول: «الانتظار سيّد الموقف. فالسعودي «ناطر»، بمعنى لا يوالي ولا يعارض».
ويضحك حين تسأله عمّا اذا كانت الحكومة الجديدة، حكومة تكنوقراط؟ فيعيد إليك السؤال عن مفهوم التكنوقراط؟! فهو يعتبر أنّ سبب سقوط حكومة دياب، انّ العقل التكنوقراطي يتغلّب على العقل السياسي، وهذا وهم. ويتساءل، في سؤال الجاهل العارف، في إشارة منه إلى طرح رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب انتخابات نيابية مبكّرة، كيف تضع تغريدة ضد النواب الذين تطلب منهم الثقة لحكومتك؟ ماذا تنتظر؟ إنها حفلة ولدنات ومراهقة فكرية.
يقول القطب السياسي: «لنفرض اننا ذهبنا إلى انتخابات نيابية مبكّرة، فهل وليد جنبلاط لن يبقى زعيم الدروز، وهل سعد الحريري لن يبقى زعيم السنّة، وهذا ينسحب على كل الأحزاب والقوى السياسية الاخرى؟ إذن، إنّها حرب ضد ميشال عون وجبران باسيل وليست حرب بناء الدولة».
وعن الدولة المدنية وطرح الرئيس الفرنسي لتغيير النظام، يقول القطب السياسي: «لبنان بلد معقّد في تركيبته. فحين نقول أو نؤيّد طرح انتاج نظام جديد، هذا لا يعني التخلّي عن الطائف وإنما إعادة دراسة الطائف، بما يتلاءم مع إمكانية تطبيقه. ولعلّ هذا ما دعا إليه بيان المطارنة أيام البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير».
مضيفاً، أنّ «الدستور اللبناني أهم دستور مدني، ويجب تطبيقه تطبيقاً سليماً وتطبيق الطائف تطبيقاً سليماً، ومحاولة حلّها عن طريق مجلس شيوخ يلحظ كل الشؤون، التي تتعلق بالطوائف، ومجلس نواب خارج القيد الطائفي. وأني سأعمل جاهداً للدعوة إلى إنشاء الدولة المدنية القابلة للتطبيق مع التركيبة اللبنانية، وتعديل قانون الانتخابات أكثر عصرية».
بات من المؤكّد أنّ كل ما تقدّم من اقتراحات لن يكون بيد لبنان وحده. فالفرنسي عرّاب «لبنان الكبير»، وهو «لا يشتغل على النية». لذلك بادر الرئيس ماكرون إلى تكليف فريق فرنسي لمتابعة الملف اللبناني الحكومي، من خلال غرفة العمليات الفرنسية المؤلفة من: إيمانويل بون، سفير لبنان السابق والعالم بخبايا السياسة اللبنانية، وله صولات وجولات في الملف النووي وتخفيف حدّة التوتر بين طهران وواشنطن. وبرنار إيمييه، رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، وسفير فرنسا السابق في لبنان، وأورليان لو شوفالييه، نائب المستشار الدبلوماسي لماكرون، ويتولّى ملف ترسيم الحدود وخبير في ملفات لبنانية عدة، من خلال عمله السابق في السفارة الفرنسية في بيروت.
خلاصة القول، لا شك في أنّ هذا البلد الصغير ليس أولوية الآن أمام حرب إعلامية نفسية بدأت بين تركيا الدولة الإقليمية الفاعلة وبين اليونان، حيث الاتحاد الأوروبي ومعه العالم والقوى الكبرى يجتمعون خلفه. ولا شك أيضاً، أمام نزاعات الدول العربية وغير العربية على الساحة الليبية وملفات المنطقة الأكثر إلحاحاً، بدءاً بالنووي الإيراني مروراً بالأزمة الخليجية- الخليجية والخليجية- الإيرانية، هناك استحقاق واحد لا شريك له، الانتخابات الرئاسية الأميركية وبعدها لكل بلد نصيب.