أظهرت الفيضانات التي ضربت معظم مناطق السودان خلال الأيام الماضية، وقتلت نحو 103 مواطنين وشردت أكثر من 600 ألفا، ودمرت عشرات آلاف المساكن، حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والاقتصاد السوداني بسبب نهب ما يقدر بنحو 750 مليار دولار من موارد البلاد خلال الأعوام الثلاثين من حكم نظام حزب المؤتمر الوطني، الجناح السياسي للإخوان، بقيادة المخلوع عمر البشير.
لكن ما هو هذا الفساد الذي حرم السودانيين من مقومات الحياة الأساسية؟
حتى 2019 ظلت منظمة الشفافية الدولية تصنف السودان في المراكز الأربع الأولى كأكثر بلدان العالم فسادا، بعد أن كان يتمتع بسجل جيد قبل استيلاء نظام البشير على السلطة.
وكان الفساد المهول الذي استشرى في البلاد بسبب تحول الحزب الحاكم إلى دولة داخل الدولة هو أحد أبرز محركات الثورة التي أطاحت بالبشير، إذ أفقد البلاد موارد مباشرة قدرها خبراء ومراقبون في تحقيق أجرته “سكاي نيوز عربية” بنحو 750 مليار دولار وغير المباشرة بأكثر من 250 مليار ليصل الحجم الكلي للفساد إلى أكثر من تريليون دولار.
غير أن الخبيرة القانونية إقبال أحمد علي ترى أن الرقم أكبر بكثير من ذلك إذا ما حسبت معه الآثار التراكمية التي ترتبت على الاقتصاد السوداني طوال حقبة المؤتمر الوطني التي امتدت 30 عاما.
وانعكست هذه الآثار الضخمة على حياة سكان السودان البالغ تعدادهم نحو 40 مليون نسمة، يعيش حاليا أكثر من 80 في المئة منهم تحت خط الفقر.
ويشكل الفساد القاسم المشترك في معظم الجرائم الخمس الكبرى التي يحاكم عليها حاليا الرئيس السابق عمر البشير وعدد من عناصر نظامه واقاربه.
وبسبب الفساد الذي طال معظم القطاعات الخدمية والإنتاجية أصاب الدمار البنى التحتية في كافة مدن ومناطق البلاد، كما زادت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق واختفت الطبقة الوسطى تقريبا وأصبحت جزءا من تركيبة الطبقة الفقيرة الغالبة في البلاد التي حرمت حتى من بناء المسكن الآمن، وفقا لما تشير اليه الكاتبة الصحفية أمل تبيدي.