كتب عمر الراسي في “اخبار اليوم”:
وسط “الغبار الكثيف” الذي يلف المشهد اللبناني، بدءا من العقوبات الاميركية والتموضع الحاصل في المنطقة، وما يحكى عن عرقلة او جمود في ملف تأليف الحكومة، يطرح سؤال اساسي: اين اصبحت المبادرة الفرنسية، حيث المهلة الاولى المحددة بـ 15 يوما لتأليف الحكومة العتيدة قد شارفت على الانتهاء، وعقد “قديمة جديدة” حول توزيع الحقائب والحصص عادت الى الواجهة!
العناوين الثلاث
اوضح مصدر رئاسي ان ثلاث عناوين اساسية كانت قد قامت عليها المبادرة الفرنسية التي انطلقت من قصر الصنوبر قبيل مغادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بيروت:
اولا: حكومة رشيقة، اي لكل وزير حقيبة، وقد يتولى رئيس الحكومة حقيبة وكذلك نائبه فينخفض عدد الوزراء.
ثانيا: حكومة قادرة منتجة وفاعلة، بمعنى ان الممسكين بالحقائب يجب ان يكونوا متمكنين اختصاصيين قادرين مجربين مقتدرين، لان هناك مهام عدة من ابرزها: تداعيات انفجار بيروت، الازمة الاقتصادية والنقدية والمالية والمصرفية، تنفيذ مقرارات مؤتمر سيدر، التفاوض مع صندوق النقد الدولي … وكل ما هو مرتبط بحلول الازمة . هذا الى جانب العديد من الملفات الشائكة من ابرزها النزوح السوري، وصولا الى كيفية التعاطي مع ازمات المنطقة بدءا من التطبيع مع اسرائيل.
ثالثا: المداورة ROTATION في الحقائب.
حكومة “مُهمة”
واشار المصدر الى ان كل ذلك يسبقه تشاور وطني واسع لتشكيل حكومة “مُهمة” Gouvernement de mission وقد توافق على ذلك رؤساء الاحزاب والكتل الذين اجتمعوا في قصر الصنوبر، مشددا ان العمل يجري على قدم وساق على هذا المستوى.
وردا على سؤال، اقر المصدر ان للعقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس تداعيات على ملف التأليف، ولكن ليس الى درجة العرقلة لان الجميع يريد حكومة في اسرع وقت ممكن.
وفي هذا السياق، انتقد المصدر الكلام عن تعويم حكومة الرئيس حسان دياب، او تكرار تجربة اللون الواحد، قائلا: “من سيضع فرنسا واوروبا واميركا بظهره”، مشددا على ان المواجهة غير مطروحة اليوم لا بل غير واقعية.
لذا، اضاف المصدر: على رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب التشاور مع رؤساء الكتل، ثم وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تصور اكثر واقعية وبرغماتية لا سيما لجهة الحقائب وتوزيعها، على ان يناقش الاسماء مع رئيس الجمهورية.
التشدد الشيعي
وماذا عن المداورة، رأى المصدر ان هذه النقطة قد تكون عقبة لكنها قابلة للحل. وقال: قد يتشدد الثنائي الشيعي قصدا بعد العقوبات ويتمسك بوزارة المالية من منطلق التوقيع الرابع الميثاقي، ولكن في الواقع لا شيء في الدستور يتكلم عن هذا النوع من الميثاقية، مؤكدا ان في صياغة القرار الاجرائي لا النص ولا العرف يتكلمان عن توقيع شيعي، وبالتالي لا حقائب باسم طائفة محددة.
وسئل: ماذا لو كان الموضوع سياديا لجهة ابعاد طائفة باكملها بمجرد “عقاب اميركي” على رمز من رموزها؟ اجاب المصدر: لو كان الامر كذلك واصبح هناك تشددا، فان الحلول موجودة، حيث يستطيع الفرنسي ان يتدخل ساعيا الى ايجاد حل.
وماذا يعني هذا التدخل الفرنسي؟ اكد المصدر ان لا وصاية ولا انتداب، بل مساعدة فرنسية مع توافق اوروبي وموافقة اميركية واسعة على اخراج لبنان من ورطته الاقتصادية والسياسية .
الحل والا…
لذلك، شدد المصدر على ان الحل ممكن، والا الاسوأ هو ان يتعرقل كل شيء، فيصبح لبنان ساقطا بالمفهوم الدولي. وبالتالي قد يؤدي ذلك الى ما لا يحمد عقباه، ولا نعرف ما سيكون مصيرنا بانتظار الانتخابات الاميركية والحلول الاقليمية للمنطقة …
وختم: عندها سنكون امام العديد من علامات الاستفهام الكبرى، وفي الواقع لسنا مضطرين لها… فلا بد من الوعي والصبر حتى نصل الى المبتغى.