بالرغم من مضي ثلاثة ايام على هجوم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على تفاهم مار مخايل الذي “يختصر أسباب كلّ ما وصلنا إليه”، ومرور ساعات على بيانه حول ما يحدث على مستوى تشكيل الحكومة، حافظ “حزب الله”، أحد اركان التفاهم، على صمته، فيما خرج “التيار الوطني الحر” ببيان امس ردّ فيه على جعجع، معتبراً أنّ “الكذب هو طريق وصوله الى قلوب الناس”، بعد بيانه يوم الاثنين الذي نبش فيه دفاتر الماضي ووصف خطاب جعجع بـ”السلبي” ويسمّم أجواء الأمَل بالخلاص”.
لكن نأي “القوات” بنفسها عن الرد على “التيار” اثار استغراب الكثيرين، الا انّ العارفين ببواطن امورها عزوا سكوتها الى جملة أسباب منها:
أولاً، “القوات” لا تعتبر نفسها معنيّة بالردّ على الردّ بعدما سجّلت موقفها، وقالت كلمتها بشكل واضح ومعلن، وبالتالي فانها اكتفت بهذا القدر.
ثانياً، تدرك “القوات” جيداً أن الرأي العام اللبناني قد ملّ من المواجهات الكلامية في وقت يغرق فيه لبنان بأزماته، واللبنانيون مجّوا سماع السجالات السياسية.
ثالثاً، يدرك رئيس “التيار” النائب جبران باسيل جيداً أنّ صورته احترقت في صفوف الرأي العام وهو يريد أن يحرق معه صورة “القوات” عبر جرّها الى سجال سياسي جديد، لكنّ “القوات” لن تعطيه هذه الفرصة.
رابعاً، يريد باسيل حرف الأنظار عن المشكلة التي يواجهها، وإشاحتها عن وضعه المأزوم مع الرأي العام اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً، بعد فشل “العهد القوي” في تحقيق أي شيء، ونتيجة الحصار السياسي الداخلي والخارجي المفروض عليه، وهو على عتبة العقوبات، فإنّ”القوات” لن تمنحه ورقة هروبه من المشاكل والازمات باتجاه مواجهتها.
لكلّ هذه الاسباب مجتمعة، اكتفت القوات بتسجيل موقفها وهي لن تدخل في مهاترات او سجالات يريدها باسيل من أجل شدّ عصبه في الوقت الذي يشهد يشهد فيه تكتّله انهيارات، وبيئته ترى أن مشروعه الرئاسي قد فشل، وأنّ حلمه بالخلافة قد انتهى”.