كتب أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:
بعد تفشّي «كوفيد-19» في العالم كله، وبعد قرار بإقفال المدارس في شهر آذار 2020 الفائت، بقي التلامذة في بيوتهم، يتابعون دروسهم عبر المنصّات الإلكترونية. وفي بداية هذه «العطلة الإجبارية»، فرح كثير من التلامذة بالبقاء في البيت والتنعّم بعدد ساعات من النوم الإضافي في الصباح والإستمتاع بالوقت… ولكن تحوّل هذا الشعور إلى كابوس، عندما تحوّلت البيوت إلى سجون لا يمكن الخروج منها، خوفاً من الإصابة بفيروس كورونا. فقد قرّرت «كورونا» إبقاء الشعوب في منازلها، ونفّذت وعدها المرير.
بعد مرور شهور عدة، ها قد بدأت الإستعدادات للعودة إلى المدرسة بعد 7 اشهر من الغياب. فكيف يمكن مساعدة التلميذ (مهما كان عمره) والمربّي والأهل في هذه المرحلة المهمة والدقيقة؟ وما هو دور الأهل في تخفيف الصعوبات عن أطفالهم؟
مرّت أشهر عدة، وكان «كوفيد-19» هو الآمر الناهي في جميع بلدان العالم. وربح هذا الوباء في تثبيت نفسه، حتى أضحى مصدر قلق للجميع، كباراً وصغاراً… واتُخذت الكثير من التدابير الصحية والإجتماعية، مثل التباعد الإجتماعي، للتخفيف من النتائج السلبية لهذا الفيروس الفتّاك. ومن هذه التدابير، إغلاق أبواب المدارس والمعاهد والجامعات. وكانت الواقعة أليمة جداً، خصوصاً بعد مرور أسابيع وشهور عدة من الإنغلاق الإجتماعي.
المدرسة بعد كورونا
المدرسة هي البيت الثاني للتلميذ. فهي تهتم بصقل شخصيته وتساعده في كسب العادات الحسنة، كما تحرص على تهذيب سلوكه، وتقوّي صفاته الحميدة. وطبعاً، للمدرسة دور أساس في تثقيف الطفل وتحضيره للمجتمع، من خلال التزام الحضور الى المدرسة يومياً دون تأخير على مواعيد الدراسة، ومن خلال التشجيع على الدراسة وتأدية الواجبات المنزلية… وغيرها من الخصائص التي تكسبه النظام والنشاط. وتحوّل المدرسة التلميذ إلى شخص ملتزم ويحترم الوقت وأميناً وصادقاً ويحترم الآخرين، ويعامل الجميع بطرق عادلة.
ولكن، بعد كورونا، ليس كما قبلها، فمفهوم المدرسة تغيَّر، وأصبحت العائلة كلها تشارك في الدروس لمساعدة الطفل في فهم وصقل علمه مع مربية الصف. فبعد أشهر عدة في منزله، بعيداً عن التواصل الإجتماعي المباشر مع رفاق الصف، ما هي التدابير النفسية لتشجيع الطفل على العودة إلى المدرسة بشكل صحيح؟
– بعد العطلة الطويلة والتي إستمرت لأشهر، جدّد فيها الطفل طاقته وأصبح مستعداً للعودة إلى المقاعد الدراسية لبدء سنة دراسية جديدة. للمربية دور أساس في توجيه طاقات التلامذة، لأنّه سيكون هناك العديد من الأطفال المتحمسين جداً للرجوع إلى روتينهم اليومي.
– لا يجب أن ننسى بأنّ العطلة الإجبارية التي بدأت منذ شهر آذار 2020، لم تكن «عطلة»، حيث قام الطفل بنشاطات ومغامرات، بل هو بقي في منزله محصوراً بين أربعة جدران، لا يعلم كيف يستثمر وقته. لذا يجب فهم «إحباط» وإنزعاج الطفل، الذي عاش في جو متوتر وخوف دائم من الكورونا.
– يجب تدريب الطفل بأسرع وقت على كسر الروتين اليومي والتكلم معه عن الروتين الجديد – القديم الذي ينتظره في الأسابيع المقبلة: الإستيقاظ في الصباح الباكر، التحضير للذهاب إلى المدرسة والحضور لمدة 8 ساعات في المدرسة والتركيز والمشاركة. كما الإنتباه للتباعد الإجتماعي وإستعمال القفازات ووضع الكمامات وعدم القدرة على اللعب… كل ذلك يجعل اليوم الدراسي ليس سهلاً.
الأهل والعودة
خلال وجود الأطفال في بيوتهم، بسبب «كوفيد-19»، كثرت المشكلات ما بين الوالدين والأطفال. وطبعاً أسبابها كثيرة. ولكن قبل العودة إلى المدرسة، سيعاني الأهل من قلق المرض وقلق الإنفصال. لذا، السؤال الذي يُطرح هو: كيف يمكن للأهل أن يخففوا من هذا القلق الذين يعيشونه بسبب كورونا، وقبل عودة طفلهم إلى المدرسة؟
أولاً، تمضية الوقت مع الطفل والتفسير له عن أهمية النظافة وغسل اليدين دون تخويفه. فيمكن للأهل القيام بنشاطات مع طفلهم خلال غسل اليدين، كما يمكنهم تمضية بعض الأوقات التي عادة لا يقضونها معه خلال الاسبوع للتخفيف من قلق الإنفصال.
ثانياً، الخروج والتسلية خارج البيت مع طفلهم، الذي ينتظر أي مناسبة للتسكع مع الأهل وتمضية أجمل الأوقات التي ستبقى محفورة في ذاكرته، مع إستعمال جميع الوسائل المتاحة للوقاية من «كوفيد-19». فسيكون ذلك نوعاً من التمارين للطفل، ولكي يعتاد على هذا النوع من الروتين اليومي.
ثالثاً، زيارة المدرسة للتخفيف من قلق العودة إلى المدرسة بعد شهور عدة في البيت.
رابعاً، قراءة القصص للأطفال كما التفكير بشكل منطقي حول أهمية المدرسة وعودة الأطفال إلى المقاعد الدراسية.
وماذا عن الأطفال الموجودين في منازلهم؟
العودة الى المدرسة هذه السنة سيكون مختلفاً عن السنين السابقة، حيث سيستقبل الصف نصف التلامذة (لا يتعدّى عددهم 18 تلميذاً) وباقي التلامذة سيكونون في منازلهم، يتابعون الدروس عبر منصّات التواصل الإجتماعي. وفي الأسبوع الذي يليه، العكس صحيح.
طبعاً، للأهل الدور الأساس لطفلهم في البيت. وهناك بعض الإرشادات والتوجيهات التي يمكن أن يطبّقها الأهل، والتي يجب مراعاتها والعمل بها وهي:
-مساعدة الطفل قدر الإمكان في متابعة دروسه عبر المنصّات الإلكترونية. كما يجب تحضير طعامه وسندويشاته، خصوصاً إذا كانت الأم عاملة خارج البيت.
– ممارسة أي نشاط يحبه الطفل والإستمتاع بهذا النشاط معه. يمكن أن يكون هذا النشاط خارج البيت كما داخله. فلا يهمّ الطفل ما هو النشاط، ولكن ما يهمّه هو من يقوم بهذا النشاط. فوجود الطفل طوال الوقت في البيت سيجعله «قلقاً»، ولكن وجود الأهل بقربه يخفف من هذا الشعور.
– عدم إحراج الطفل وجعله يشعر بأنّ الاهل منزعجون من وجوده في البيت، بل التفسير له عن سبب وجوده في البيت.