لفت المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، إلى أنّ “في معركة الحق ومشروع ضمانة الإنسان ومنع استعباده، لا بدّ من دفع أثمان باهظة ومرّة لتمكين الحق وحماية سلطته وإنقاذها من الأيدي الفاسدة والإقطاع السياسي.
قبلان، وفي رسالة الجمعة، حذر الجميع من “أنّنا أمام مرحلة مصيريّة وجوديّة، والأمور وصلت إلى الخطوط الحمراء، والدولة الكرتونيّة الّتي أقمتموها يا أصنام السياسة على ركائز الفساد والمحاصصة، ها هي تحترق اليوم وأنتم تتفرّجون، دولة الورق والشعارات الوطنيّة المفقودة والوحدة المشبوهة، والعيش الملغوم بالطائفيّة والإنقسامات السياسيّة، تلتهمها ألسنة الفساد والصفقات والإهمال، وتجّارها وفجّارها ومقاولوها ومصارفها وكلّ مؤسّساتها وإداراتها وسلطاتها عصيّة على القانون ولا علاقة لها بمفهوم الدولة، ولا يعنيها الانتماء لوطن يفرض علينا جميعًا أن نكون في خدمته ندافع عنه ونحميه ونضحّي من أجل بناء دولة تكون بسلطاتها ومؤسّساتها في خدمة شعبها وناسها.”
وركّز المفتي قبلان على “ضرورة تخليص البلد وحمايته من لعبة الزواريب والبازارات السياسيّة والخلافات المدمّرة، فالبلد يكفيه ما فيه من أزمات وتعقيدات، إضافة إلى العربدات الإسرائيليّة اليوميّة”. وأكّد أنّ “ما على هذه الطبقة السياسيّة إلّا أن تظهر حدًّا أدنى من المصداقيّة والوطنيّة وصحوة الضمير نحو هذا البلد، بعد أن عاثت فيه نهبًا وفسادًا وإفسادًا على مدى سنوات عديدة، وأن تتخلّى عن ذهنيّة تخريبه وتدمير مؤسّساته، وأن تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإنقاذ ناسه من طاعون الفقر ولعبة الأسعار واحتكار الأسواق وجشع التجار، فالناس لم يعد بمقدورها أن تحتمل أكثر ممّا تحمّلت وأن تصبر أكثر ممّا صبرت، فالأمور وصلت إلى نهاياتها والانفجار بات قاب قوسين أو أدنى، والآتي قد يكون أعظم”.
وشدّد على أنّ “المطلوب قيام حكومة حكيمة وحازمة وغير مستفزّة وقادرة على فكفكة العقد ووضع الحلول الوطنيّة الصحيحة والسليمة الّتي تؤسّس لبناء دولة المواطنة والمراقبة والمحاسبة، والمتمكّنة من قيادة السفينة الّتي أوشكت أن تغرق بمن فيها، وما يفرض علينا نحن اللبنانيّين التعاون على إنقاذ بلدنا، لأنّ ما يعاني منه أكبر بكثير ممّا يتصوّره البعض، سيّما أنّ مشاريع محاصرته وإخضاعه لا تزال موجودة، ما يعني أنّ الوضع صعب، ومحاولات السيطرة على البلد تجري على قدم وساق؛ وضمن هذا السياق تأتي لعبة تضييق الخناق وفرض العقوبات بهدف إعلان إفلاسه”.
ودعا إلى أن “نوفّر على أنفسنا العناءات، ولنعمل معًا كي نخرج من هذا المستنقع مغتنمين الفرصة، فنذهب بأسرع وقت نحو حكومة إنقاذ، حكومة فوق كلّ الاعتبارات والعناوين الّتي سئمناها والمفردات الّتي مللناها، حكومة مهمّتها وأولويّاتها وقف هذا الحريق وهذا النزيف وهذا السقوط المدويّ، حكومة لونها وطعمها وغايتها لبنان واللبنانيّون، حكومة موثوقة لا همّ لها سوى استقرار البلد وأمن البلد ومصير البلد، الّذي يكاد يكون اليوم على المحك؛ فإمّا أن ننقذه معًا أو يسقط ونسقط معه”.
كما أشار إلى أنّ “من خلال ما نشهده ويعيشه كلّ لبناني من فقر وجوع وبطالة وفقدان ثقة وحرمان وخوف وحصار غاشم وعقوبات أميركيّة ظالمة يمينًا ويسارًا، وتهديدات ساعة بالعصا وأُخرى بالجزرة، ندعو لأن نكون على قدر التحدّي، لا نستسلم ولا ننصاع للإملاءات.”