باستثناء البيان العنيف الذي أصدرته اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر الأربعاء الفائت، تحاشى العونيون الدخول في سجال مباشر مع “القوات اللبنانية”، وإن كان إصرار الطرفين على أن تفاهم معراب بينهما لا يزال قائما وصالحا، تحول حجة قلما تقنع القواعد الشعبية المسيحية. على أن هذا الانكفاء عن الرد على الهجوم القواتي لا يعني أن التيار غائب عن المشهد السياسي.
فإذا كان صحيحا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيطر بمبادرته وضغطه الحكومي الكثيف على الصورة المحلية، متسلحا باجماع نادر نجح في انتزاعه من طبقة سياسية لطالما تفننت في لعبة تصفية الحسابات السياسية، فإن التيار يبدو في حال ترقب لما ستنتهي إليه مشاورات تأليف الحكومة العتيدة التي أعلن مرارا أنه لن ينضم إلى صفوفها. غير أن هذا لا ينفي أن المسار العام للأمور منذ تكليف الرئيس مصطفى أديب قد لا يرضي التيار كثيرا. فبفعل قوة الدفع الفرنسية الكبيرة، يصر الرجل على تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين المستقلين. في المقابل، يطالب حلفاء التيار بحكومة تكنو سياسية في هذه المرحلة الحساسة. شروط مضادة يقابلها أديب بالاصرار على عدم لقاء أي من الأقطاب السياسيين في خلال عملية التشكيل، مع العلم أنه شذ عن هذه القاعدة في لقاءين جمعاه إلى الخليلين في بداية رحلة التأليف. وهنا مكمن المشكلة الأساسية بين دياب والتيار. ذلك أن مصادر تكتل لبنان القوي أشارت عبر “المركزية” إلى أن للتيار رئيسا أيضا، ملمحة إلى أن كان في إمكانه أن يتحدث معنا في كل شيء”.
إلا أن المصادر تحرص على الابتعاد عن أي تأويلات وتفسيرات لهذا الموقف، كاشفة أن ثقة التكتل في توليفة أديب مشروطة بأن تكون التشكيلة فريق عمل يلتزم الاصلاحات التي بات الجميع يعرفونها عن ظهر قلب، تاركة للهيئة السياسية في التيار التي تجتمع عصرا تفصيل الموقف من ملف التأليف في بيان يمهد لإطلالة مرتقبة لرئيس التيار النائب جبران باسيل العاشرة والنصف صباح الأحد المقبل، وهي العادة التي درج باسيل على اتباعها منذ شهور.
وعلمت “المركزية” أن باسيل سيتطرق إلى الملفات السياسية الساخنة، من الحكومة الى الاصلاحات في شقيها النيابي والحكومي، ويعرج على انفجار المرفأ وتداعياته وحريق امس وغيرها من قضايا الساعة.
وعلم أيضا أن التيار أرجأ مؤتمرا كان من المفترض أن يعقده يوم غد السبت يتناول موضوع الدولة المدنية، في حضور عدد من المحامين والصحافيين، والمهتمين بهذه القضية. ومن المفترض أن يتحدد الموعد الجديد للمؤتمر بعد تأمين مكان لعقده مع احترام التدابير الصحية وضرورة التباعد الاجتماعي في زمن كورونا.