تسارعت وتيرة الاتصالات بين الأطراف السياسية اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة الجديدة، في الساعات القليلة الماضية، ما يؤشر على إمكانية الإعلان عنها خلال أيام.
وبددت الأنباء الواردة من العاصمة بيروت الأجواء المتشائمة التي شابت الأيام الماضية بشأن التشكيل الحكومي. ويعزو البعض الاندفاعة الجديدة، إلى تلويح رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بالاعتذار عن استكمال المهمة، وأيضا إلى رسائل فرنسية حازمة حملها معه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عند عودته من باريس الخميس.
وتتركّز غالبيّة المشاورات حول لزوم الإسراع في الإعلان عن التشكيلة الجديدة، قبل المدة المقررة لانتهائها بحلول الثلاثاء، مع ضرورة تجاوز العقبات كافة، وجعل التسهيل سيد الموقف.
وكلّف الرئيس اللبناني، ميشال عون، في 31 آب مصطفى أديب بتشكيل حكومة، تزامن ذلك مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت بمناسبة ذكرى مئوية لبنان الكبير، والتي حصل خلالها على تعهد من الفرقاء السياسيين في لبنان بتشكيل حكومة في أجل لا يتجاوز الأسبوعين.
واستقالت حكومة حسان دياب بعد 6 أيام على انفجار مرفأ بيروت الذي خلف نحو 192 قتيلا وقرابة 6 آلاف جريح والعشرات من المفقودين، بجانب دمار مادي واسع، بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار.
وكشف مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية، أنه “خلال الاجتماع الذي انعقد بين عون وأديب، الأربعاء، جرى بحث التركيبة الحكومية وما هو مطلوب منها في المرحلة المقبلة”. وعن عدد الوزراء في الحكومة المرتقبة، قال المصدر “من الممكن أن يكون 14 أو 16 أو 20”، لكن ذلك “لن يكون عائقا أمام تشكيلها”.
ويريد رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة مصغرة مؤلفة من اختصاصيين فيما يرى عون ومن خلفه التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، أن تكون الحكومة موسعة ومشكلة من تكنوقراط تختارهم القوى السياسية، بمعنى آخر حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب.
وأمام تمسك هذه الأطراف بمواقفها سرب رئيس الوزراء المكلف إمكانية اعتذاره، الأمر الذي دفعها للتراجع خطوة إلى الوراء، فتنفيذ أديب لتهديده سيضعها في موقف لا تحسد عليه أمام المجتمع الدولي.
وأوضح المصدر “على ضوء التركيبة سيتحدد عدد الوزراء، علما بأن رئيس الجهوريّة يفضل وزيرا لكل حقيبة، لكن من الممكن أن يتولى بعض الوزراء حقيبتين، خصوصا إذا كانت الحقيبة الوزارية ثانوية”.
رئيس الجهورية يفضل وزيرا لكل حقيبة، لكن من الممكن أن يتولى بعض الوزراء حقيبتين، إذا كانت الحقيبة الوزارية ثانوية
والمقصود هنا بتركيبة الحكومة، أي شكلها سواء ستتألف من ممثلي الأحزاب (سياسية)، أم من اختصاصيين (تكنوقراط)، أم حكومة “تكنو-سياسية” تجمع الاثنين.
وفي لبنان، جرت العادة على تقاسم الأحزاب الكبرى حقائب وزارة الداخلية والخارجية والدفاع والطاقة والاتصالات والمالية كحقائب سيادية، في حين تعتبر الحقائب الأخرى ثانوية.
ولفت المصدر إلى أن “رئيس الجمهورية نصح رئيس الحكومة المكلف بألا يكون أسيرا لعدد الوزراء في التشكيلة الحكومية”. وتحدث عن “لقاء مرتقب بين عون وأديب، السبت حيث ستعرض الأسماء المطروحة للاتفاق عليها، وعلى أساسها يتكوّن المشهد الكامل للتركيبة”. وعن موعد الإعلان قال نصا “إذ حصل الاتفاق يوم السبت سيعلن عنها مطلع الأسبوع المقبل، وإذا لم يحصل الاتفاق سيكون هناك المزيد من البحث”.
وبعيدًا عن المواقف الرسمية المعلنة في مسألة تشكيل الحكومة، قال الصحافي جوني منيّر “بخلاف ما هو ظاهر فإن الملف الحكومي متقدم جدا”. وأوضح أنه “في الأسبوع الماضي زار لبنان سرا، مدير المخابرات الفرنسية الخارجية، بيرنارد إيميه، لمدّة 24 ساعة، واجتمع برئيس الجمهوريّة”.
وأشار إلى أن “اللواء عباس ابراهيم (مدير الأمن العام اللبناني)، زار فرنسا الأربعاء حاملًا معه أجوبة عما طرح خلال زيارة إيميه”. ورجح منيّر أن “تكون ولادة الحكومة السبت أو كحدّ أبعد مطلع الأسبوع المقبل”. وأضاف “لذلك أوفد اللواء إبراهيم من قبل رئيس الجمهورية على وجه السرعة إلى فرنسا لوضع اللمسات الأخيرة”.
ولفت الصحافي اللبناني إلى أن “حزب الله وحركة أمل تخلتا عن فكرة المداورة (المحاصصة) وبالتالي موضوع حقيبة (وزارة) المال لم تعد عائقًا”.
وأشار منيّر إلى أن “الفرنسيين على ما يبدو مصرين على الاطلاع على الحقائب السيادية الأساسية التي تهم مشاريعهم، وتشكّل (في الوقت ذاته) خطا أحمرا لدى الأميركيين”. وترفض الولايات المتحدة أن يكون لحزب الله الموالي لإيران أي علاقة بالحكومة الجديدة.