كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
أحياناً، في الحالات «الباردة»، وبهدف «كسب الوقت» وإجراء فحوصات لأكبر عدد من الأشخاص لكشف إصابتهم بفيروس كورونا، يتمّ تجميع ثلاث إلى خمس عينات معاً وفحصها. وإذا ما جاءت النتيجة سلبية يُعتبر أصحاب العينات سليمين. أما في حال جاءت إيجابية فيُعاد فرز العينات وتخضع لإعادة فحص كل على حدة.
في المبدأ، تُستخدم هذه التقنية (pooling) لدى إجراء مسح واسع لتجمعات سكانية كبيرة تكون نسبة الإصابات فيها ضئيلة. إلا أنها لا تصلح تماماً في حالات الانتشار الواسع للوباء، كما هي الحال في لبنان حالياً. إلا أن ما يحصل على أرض الواقع يتعدّى مسألة فعالية هذه التقنية، إلى مرحلة خطيرة تتمثّل في ممارسات بعض المختبرات، في غياب الرقابة الصارمة على عملها في ظل الفوضى الصحية.
ووفق معلومات «الأخبار»، فإنّ عدداً من المختبرات يعمد إلى «خلط» عدد من العينات (يتجاوز عددها أحياناً الخمس) في فحص واحد «بهدف توفير الكلفة وتقديم أسعار تنافسية لشركات الطيران ومكاتب السفر». ويؤكد عاملون في عدد من المختبرات المعتمدة لإجراء فحوصات الـpcr أن بعض العينات المدمجة التي يتبين أنها إيجابية يُبلّغ أصحابها جميعاً بأنهم مُصابون بالفيروس، لتجنّب إعادة إجراء الفحوصات لكل عينة على حدة وتحديد العيّنة المصابة، توفيراً للكلفة أيضاً!
يعني هذا، عملياً، أن أعداد الإصابات المعلنة يومياً قد لا تكون دقيقة، وهي «تهمة» رافقت الأرقام منذ تفاقم الوضع الوبائي.
الأخطر، بحسب مصادر عاملين في المختبرات، أن من سلبيات دمج العيّنات أنه في حال كانت إصابة صاحب إحدى العينات ضئيلة «فقد لا تظهر في النتيجة النهائية»، ما يعني أن البعض قد يكون مصاباً ويُبلّغ بالعكس! وهذا ما يؤكده لـ«الأخبار» أحد أصحاب مكاتب السفر الذي كان ينظم معاملات سفر لعدد من العمال السودانيين، وأُبلغ من المختبر بأن إصابتين من أصل 10 أتت إيجابية «ولكن تصعب معرفة هوية أصحابها»!
مستشار وزير الصحة الدكتور إدمون عبود أوضح لـ«الأخبار» أن الوزارة سمحت بالـpooling في المطار وعلى الحدود «ضمن ضوابط ومعايير معينة»، لافتاً إلى أن هذه التقنية معتمدة عالمياً حيث تطبّق على السكان الأقل عرضة للفيروس، و«لكن مع ارتفاع نسبة الإصابات، لا تعود فعالة»، فيما أكدت رئيسة نقابة أصحاب المختبرات ميرنا جرمانوس، في اتصال مع «الأخبار»، أن النقابة «ستقوم بمراقبة المختبرات المرخّصة والتأكد من صحة أدائها»، مُشيرةً إلى أن الـpooling لا يُعدّ في الظرف الراهن «مربحاً» مع ارتفاع نسبة الإصابات، «ذلك أن النتيجة الإيجابية لأي من أصحاب العينات ستحتّم على صاحب المختبر إعادة إجراء الفحوصات».
في حال كانت إصابة صاحب إحدى العينات ضئيلة فقد لا تظهر في النتيجة النهائية
وهنا جوهر النقاش، إذ إن الرهان هنا على «ضمير» صاحب المختبر الذي يقرر إما إعادة فرز العينات وإجراء الفحوصات وإما شمل غير مصابين بنتيجة عينات أخرى.
وهنا تُطرح تساؤلات عديدة أبرزها: إذا ما كانت هذه التقنية تفقد جدواها في حالات الانتشار المحلي الوبائي، فلماذا لا تزال تعتمد في بعض المختبرات ولا يقتصر تطبيقها على المطار؟ وما هي آليات الرقابة المتبعة على صعيد إجراء الفحوصات التي يتجاوز عددها اليومي أحياناً تسعة آلاف فحص مخبري؟ والأهم، إذا كان الواقع الوبائي يفرض تجديد إجراء الفحوصات للأشخاص المُصابين، فهل يعاد احتساب النتائج الإيجابية في كل مرة؟ عادة، تعتمد الوزارة على إحصاءات المختبرات، فهل يمكن الوثوق بأرقامها إذا كان عدد منها يستغل غياب الرقابة ويتجنب إعادة إجراء الفحوصات؟
مجدداً، الهدف ليس التشكيك في أرقام الوزارة بقدر ما هو مرتبط بدق ناقوس الخطر لمعطيات خطيرة، خصوصاً إذا ما كان الواقع الوبائي يتطلب الدقة.
وكانت وزارة الصحة أعلنت أمس تسجيل 547 إصابة (544 مُقيماً و3 وافدين)، سبعة منهم في القطاع الصحي (حيث وصل مجموع المصابين في القطاع إلى 778 شخصاً)، وارتفع عدد المُصابين الفعليين إلى 16390 شخصاً. ومن بين هؤلاء، يُقيم 426 شخصاً في المُستشفيات، 109 منهم في العناية المركزة. كما أعلنت الوزارة تسجيل خمس وفيات جديدة، ليرتفع عددها إلى 246.
أمّا على صعيد الشفاء، فقد بات العداد يُسجل أرقاما مرتفعة يومياً مع تسجيل شفاء 431 شخصاً خلال يوم واحد، وفق أرقام الوزارة.