كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:
عاد اقتراح قانون العفو العام ليتصدّر المشهد السياسي من جديد، لكنّه استُحضر هذه المرة على لسان أهالي السجناء وبعض السياسيين، من باب انتشار “كورونا” في سجن رومية والتخوف من تفشّيه وعدم التمكّن من السيطرة عليه، بعد تسجيل اصابات عدّة في صفوف السجناء والعسكريين. لكن قانون العفو لا يزال خاضعاً للتجاذب السياسي بين أطراف تريد العفو عن المبعدين الى اسرائيل وأخرى تريد العفو عن مسجوني ملفات المخدرات وآخرين عن الموقوفين الاسلاميين. فهل مات اقتراح قانون العفو بعدما تم تفجيره في الجلسة التشريعية في الاونيسكو منذ شهور؟ ام ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيُحييه مجدّداً تحت عنوان “هيبة جائحة كورونا”، وتخفيف الاكتظاظ في السجون للحدّ من تفشي الوباء؟
موسى: مع حالة طوارئ قضائية
في هذا السياق، كشف رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى لـ”نداء الوطن” انه سيدعو اللجنة اليوم الى اجتماع بحضور الوزارات المعنية، لمتابعة قضية تفشّي الوباء في سجن رومية، في ظلّ الاكتظاظ الحاصل. ودعا الى اعلان حالة طوارئ قضائية تُعطى فيها الاولوية للسجون وتسريع المحاكمات وبت بعض الاحكام بما يؤدي الى التخفيف من الاكتظاظ وتالياً الحدّ من نقل عدوى الفيروس.
وذكّر موسى بأن لقانون العفو هدفين: الاول، انساني في ظل التأخير الحاصل بمحاكمة نحو 40 بالمئة من الموقوفين، والثاني، انعدام توافر الظروف الطبيعية في السجون عموماً وسجن رومية خصوصاً الذي يفتقر الى حدّ ادنى من الكرامة الانسانية. اما الهدف الاساسي اليوم فهو مواجهة مشكلة الاكتظاظ والحدّ من تفشي الوباء عبر التباعد الاجتماعي الذي تفرضه جائحة “كورونا”. وأضاف: “قانون العفو موجود في مجلس النواب، فلنخرجه من البازار السياسي ولتتحاور الكتل السياسية وتتفق على صيغة مناسبة ومرضية، بهدف انساني، وهو تخفيف الاكتظاظ في ظل ظروف السجناء الحالية، مع الاخذ في الاعتبار طبعاً كل الاحتياطات اللازمة اي عدم شمول العفو من اعتدى على الجيش وأمن الدولة والجرائم الارهابية”.
وقال: “لنكن موضوعيين، صحيح ان قوى الامن الداخلي اتخذت اجراءات وتدابير احتياطية معينة في السجن كمنع زيارات الاهالي، لكنها غير كافية امام جائحة بهذا الحجم ولطالما حذرنا منذ فترة طويلة من اننا امام قنبلة موقوتة اما اليوم وقد انفجرت، وكي لا تتفاقم الامور يجب الحد من الاكتظاظ”.
“المستقبل”: لجلسة استثنائية وطارئة
وطالب نائب كتلة المستقبل النيابية هادي حبيش بعقد جلسة طارئة واستثنائية لمجلس النواب لاقرار قانون العفو استباقاً لوقوع الكارثة داخل السجون، وكشف انه سيبدأ اعتباراً من اليوم اتصالاته مع مختلف الكتل النيابية لمعرفة مواقف الاطراف وتلمّس امكانية حصول توافق، في حال قرّر رئيس المجلس عقد جلسة استثنائية ولو اقلّه ببند واحد لإقرار هذا القانون، “وبذلك نكون خفّفنا عدداً كبيراً من السجناء وساعدنا في الحدّ من تفشي الوباء في السجون”. وأبدى اعتقاده بان “الظروف الانسانية يمكن ان تساهم بعض الشيء اليوم في تجاوز التجاذبات السياسية بشأن العفو”.
وقال: “يكفينا تجاذبات، وسنرى من خلال الاتصالات امكانية وكيفية الوصول الى حل بعد الوقوف على رأي كل كتلة”. وذكّر بـ”الاتفاق الحاصل سابقاً بان تصدر الحكومة السابقة المراسيم التطبيقية للقانون المتعلق بالمبعدين الى اسرائيل وتنتهي المسألة وقد وعدت باصدارها، لكن التطورات حالت دون ذلك وسنرى الآن اذا كانت هناك امكانية للحل”. ولفت الى ان “حكومة تصريف الاعمال لا تستطيع بت قرار مجلس الوزراء المتعلق بالمبعدين بل الحكومة الجديدة، لكن لا شيء يحول دون اجتماع مجلس النواب لبت مسألة العفو في ظل حكومة تصريف اعمال”. وذكّر بموقفه المتعلق بشأن المبعدين وعدم قناعته الشخصية ورضاه على هذا الحل من الناحية القانونية، خلافاً لاعتقاد “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بانه سيفي بالغرض بغض النظر عن النقاش القانوني.
“الاشتراكي”: نقطة متقدّمة
وقال النائب الاشتراكي بلال عبد الله لـ”نداء الوطن” انه “بعد ظهور اصابات بـ”كورونا” في صفوف السجناء وقوى الأمن الداخلي في سجن رومية، يُطرح قانون العفو العام مُجدّداً، علماً بأن من الاسباب الاساسية للاستعجال في اقرار هذا القانون والتي طُرحت في اثناء النقاشات المتعدّدة، سواء في اللجان النيابية الفرعية، او اللجان المشتركة ثم في الهيئة العامة، كان استباق تفشّي الوباء في صفوف مئات لا بل آلاف السجناء، في ظروف انسانية وصحّية غير ملائمة في السجون. لذا، اعتقد اليوم انه اصبح من الملحّ جداً استكمال هذا الموضوع، لانه ما زال معلّقاً في الهيئة العامة لمجلس النواب بانتظار المشاورات والمداولات التي بلغت نقطة متقدّمة، وهي ان يتمّ اقرار القانون كما ورد، مع سحب البند المتعلّق بالمبعدين الى اسرائيل”.
أضاف: “بحسب ما علمنا من هذه المشاورات بين الكتل الاساسية، ونحن منها، فقد تمّ التوصل الى صيغة معينة تقضي بأن تقترح الحكومة اصدار المراسيم التطبيقية لقانون العفو الذي أقرّ عام 2011، خصيصاً لهذه الفئة من اللبنانيين، ولاسباب غير معروفة اقلّه بالنسبة لي، الحكومات المتعاقبة لم تصدر المراسيم التطبيقية. فكان أحد المخارج، الابقاء على قانون العفو العام المطروح الحالي كما هو مع حذف البند المتعلق باللبنانيين الموجودين في اسرائيل على ان تصدر الحكومة المراسيم التطبيقية المتعلقة بتنفيذ القانون المشار اليه او المتعلق بهؤلاء الصادر سنة 2011. فليس فقط بسبب “كورونا”، بل بسبب المظلومية التي تلحق بالعديد من السجناء. هناك محكومون طبعاً، لكنّ هناك ايضاً موقوفين من دون محاكمات وأعدادهم ليست بقليلة، ففي هذا الظرف الاجتماعي الاقتصادي اعتقد ان قانون العفو العام او الاقتراح الذي أُقرّ صياغته كانت جيدة، فكل ما يتعلق بالجرائم المالية او بقتل عسكريين غير مشمول، والاستثناءات عديدة في هذا القانون”.
ولفت إلى أن القانون “يراعي الجو الوطني العام والعدالة ومبدأ العفو المعتمد بشكل عام في كل الدول ومنها لبنان، وفي الوقت نفسه يخفف من خطورة انتشار “كورونا” في الظروف التي تشهدها السجون صحياً واجتماعياً وبيئياً، ومن ضمنهم ايضاً عناصر قوى الامن الداخلي الذين يلتقون بعائلاتهم ما يساهم عملياً في نشر سريع لهذه الجائحة، فيما نحن قادرون بالحد الادنى على التخفيف من وطأة وكلفة معاناة اهالي السجناء ومن العبء على المحاكم”.
“التيار”: لا للذرائع
عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطالله المكلّف بمتابعة ملف العفو أكد لـ”نداء الوطن” ان موضوع العفو غير وارد عندنا تحت اي ذريعة، ومثلما كان موقفنا ضد العفو في البداية سيبقى على ما هو عليه اليوم وغداً، خصوصاً وان الايام تبرهن اننا على حقّ لأن مفهوم العفو العام يصدر اساساً لفتح صفحة جديدة في تاريخ بلد، لا أن نعد الناخبين بقانون عفو كل 4 او 5 سنوات للاعفاء عن اولادهم في السجون، ثم ان العفو مرتبط بمفهوم المسامحة والندم، لكنهم لا يندمون بل يدخلون الى السجن وتخفض مدة محكوميتهم ويعفى عنهم بتهريبة فيخرجون ويرتكبون الافظع.
الا انّ عطالله ابدى الاستعداد للتساهل معتبراً ان افضل طريقة هي ان تعفو السلطة التنفيذية الاشخاص الذين قضوا محكوميتهم من الغرامات المتراكمة خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، ما يؤدي حكماً الى تخفيف الاعباء عليهم وخروج عدد كبير من السجناء فهذا ما نقبل به، وعدا عن ذلك “ما حدا يحكي معنا”.
وقال: “كورونا” داخل السجن وخارجه وتخفيف عدد يكون عبر أمرين: إخراج من أمضوا محكوميتهم وغير القادرين على دفع الغرامات، واعدادهم كبيرة، وتسريع المحاكمات، اما ان نتذرّع ساعة بـ”كورونا” وساعة بالاكتظاظ وساعة باننا نريد فتح باب للعفو العام لاشخاص مظلومين، فالمحاكمة هي من يؤكد اذا كان مظلوماً ام لا، وليس العفو”.
“القوات”: لتسريع المحاكمات
نائب القوات العميد وهبة قاطيشا أقرّ “بوجود ظلم كبير لحق بقسم من الموقوفين الاسلاميين نتيجة عدم محاكمتهم منذ 20 سنة علماً ان بعضهم تم توقيفه لسبب غير كبير، ومؤسف القول ان قانوناً تمّ اعداده في مجلس النواب للعفو عنهم وعن تجار المخدرات وعن المبعدين الى اسرائيل وكان يمكن ان ينال موافقة الاغلبية النيابية الساحقة، لكن عدداً كبيراً من النواب لهم ارتباطات مع دولة اقليمية افشلوه لدى مناقشته في الهيئة العامة بعدما كانوا وافقوا عليه. ان هذا الظلم ارتكب ابان الحقبة السورية وكثر يستغلّونه في اعتباره ورقة للمقايضة بهدف الحصول على مكتسبات، لكننا اليوم امام قضية انسانية يجب ألا تخضع للتجاذبات السياسية لانه حقيقة هناك ظلم كبير على بعض الاشخاص، ويجب معالجة هذه القضية في اسرع وقت بصرف النظر عن المقايضات السياسية”. واستعجل قاطيشا اخيراً المحاكمات فتتمّ تبرئة من تثبت براءته ومحاكمة من يثبت جرمه.