حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من خلال المشاورات التي أجراها، أن يتسلّح برأي الكتل النيابية التي تجاوبت مع دعوته من أجل إقناع باريس والرئيس المكلف بضرورة تعديل مسار التأليف بجَعل تسمية الوزراء من مهمة الكتل لا الرئيس المكلف ولو بصَيغ مختلفة من قبيل تقديم هذه الكتل لوائح بخيارات عدة يختار من بينها الرئيس المكلف.
وقد سأل بعض المعنيين بالتأليف هل ستتمكن الحكومة العتيدة من قيادة مهمة الإنقاذ في حال كانت مؤلفة على طريقة المحاصصة ونموذج الحكومة المستقيلة أقوى دليل والمصير الذي آلت إليه؟
وقال هؤلاء لـ”الجمهورية” انّ “هناك مرحلة استثنائية تستدعي مقاربة من الطبيعة نفسها في التأليف بعيداً عن الأساليب التقليدية والكلاسيكية التي تصحّ في الأوقات العادية لا في الأزمات المالية والوطنية والوجودية، والتي تستدعي تضافر الجهود بعيداً عن السياسات الخاصة والفئوية من أجل إنقاذ البلاد”.
وقد تبيّن من حصيلة المشاورات الجارية أن لا تقدّم تحقق حتى اللحظة في 3 عقد أساسية:
ـ العقدة الاولى، حجم الحكومة بين الرئيس المكلف الذي يريدها من 14 وزيراً للتمكن من القيام بدورها في شكل متجانس وفعّال، وبين فريق السلطة الذي يريدها فضفاضة لتوزير أوسع مقدار ممكن من المحسوبين عليه.
– العقدة الثانية، تتعلق بمن يسمّي هؤلاء الوزراء، بين فريق السلطة الذي لا يريد إحداث سابقة بمنح الرئيس المكلف هذا الحق وتحويله عرفاً خلافاً لِما كان معمولاً به ويتصل بنتائج الانتخابات وما أفرزته صناديق الاقتراع، وبين الرئيس المكلف والفريق الذي يدعم وجهة نظره في انّ فريق السلطة فشل فشلاً ذريعاً، وأي تسمية للوزراء تعني البقاء في مستنقع الفشل نفسه، ومن الضروري ان يتكفّل الرئيس المكلف بالتسمية من اجل اختيار فريق عمل متجانس لا مرجعية له خارج عمله تحت سقف الحكومة والدستور والقانون.
– العقدة الثالثة، تتمثّل في اعتبار الثنائي الشيعي انّ وزارة المال لا تنطبق عليها صفة المداورة وهي بمثابة الرئاسات الثلاث ولا يريد المساومة على هذا الأمر، فيما الفريق الآخر يعتبر انه منذ إقرار “اتفاق الطائف” إلى اليوم لم يتجاوز عدد الوزراء الشيعة في وزارة المال الـ6 وزراء مقابل 21 وزيراً من الطوائف الأخرى تعاقبوا على هذه الوزارة، كما انّ اي كسر للمداورة في مكان سيكسرها في حقائب أخرى.
وفي ظل كل هذه المعمعة تساءلت المصادر هل ستتمكن باريس من حل كل هذه العقد وعلى أي أساس؟ وهل تجاوز المهلة يعني انّ الفراغ سيكون مفتوحاً؟ وهل سيبدأ التفكير بتفعيل حكومة تصريف الأعمال؟ وهل التصعيد هو الحل في ظل أزمة مالية تستدعي تأليفاً سريعاً؟ وهل ما زال في إمكان كل فريق التسليم بوجهة نظر الآخر، ام سيعتبر هذا التسليم تراجعاً لا يتحمله؟ وهل من حلول وسط يمكن العمل عليها؟