أبلغت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» أنّ نتائج المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الكتل النيابية، قد أُبلغت الى الجانب الفرنسي، وصار الرئيس المكلّف مصطفى أديب وفريق التأليف الذي يقوده الرئيس سعد الحريري في أجواء هذه النتائج التي أظهرت تمسّكاً بالمبادرة الفرنسية من كل الكتل، وانقساماً في الرأي حول تسمية الوزراء حيث أكدت غالبية الكتل رفضها ان يُسمّى الوزراء من قبل طرف واحد. كما أظهرت ميلاً غالباً نحو المداورة، التي أكدت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية بأنه يؤيّد من حيث المبدأ إجراءها، إنما شرط التوافق الوطني عليها. فيما برز موقف مغاير لـ«الثنائي الشيعي» الذي ذهب الى بعبدا بوفدين منفصلين؛ أي النائب علي حسن خليل باسم كتلة الرئيس نبيه بري، والنائب محمد رعد باسم كتلة «حزب الله»، إنما بِنصّ موحّد يعبّران فيه عن الرفض النهائي للتخلّي عن وزارة المالية وكذلك رفض مصادرة حقهما في تسمية الوزراء.
وبحسب المصادر فإنه «ليس لدى الجانب الفرنسي حتى الآن ما قد يجعله يعتبر انّ المبادرة الفرنسية قد فشلت، بل بالعكس فإنّ باريس أرسلت في الساعات الاخيرة إشارات الى كل الاطراف، بأنّها ماضية في مبادرتها، وانّ الرئيس ايمانويل ماكرون شخصياً كان على متابعة حثيثة ومباشرة لدقائق وتفاصيل ما استجدّ على خط تأليف الحكومة، وقد جرى تقييم لأسباب تعثّر هذا التأليف. وتِبعاً لذلك، كانت باريس حاضرة بزَخم خلال الساعات الماضية عبر مروحة اتصالات واسعة، قيل انّ رئيس الاستخبارات الفرنسية برنار ايميه كان حاضراً فيها، وشملت الاطراف المعنية بملف تأليف الحكومة، وكذلك الرئيس المكلف».
وعلمت «الجمهورية» انّ حركة الاتصالات الفرنسية توازَت مع حركة اتصالات داخلية في هذا الاتجاه، تحرّك فيها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خطوط مختلفة بين الثنائي الشيعي وسائر الاطراف.
وأكدت المصادر نفسها «انّ باريس ليست بصَدد الانكفاء عن لبنان كما بدأ الترويج الى ذلك من قبل بعض المستويات اللبنانية، مذكّرة بما قاله الرئيس ماكرون خلال زيارته الاخيرة الى بيروت من «اننا إذا تخلّينا عن لبنان، فستندلع حرب أهلية».
وتبعاً لذلك، تحدثت المصادر عن نصائح أُسديَت للبنانيين بعدم إقفال الباب على إمكانية التفاهم، وعدم الذهاب الى خطوات متسرّعة، مشيرة في هذا السياق الى انّ باريس ليست في أجواء تفيد بأنّ الرئيس المكلف مصطفى اديب قد يعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة، علماً انّ باريس لا تحبّذ هذه الفكرة على الاطلاق، ذلك انّ خطوة من هذا النوع، لن تشكّل عاملاً مساعداً على إيجاد حلول ومخارج، بل على العكس من ذلك، فإنّها قد تكون عاملاً تعقيدياً يزيد من صعوبة الأزمة ويأخذها الى نقطة اللاعودة.
وبناء على ما سبق، قالت المصادر «انّ الاجواء الفرنسية ليست مقفلة، وباريس على تأكيدها انّ الحل اللبناني ممكن بالعودة الى جوهر المبادرة الفرنسية، وهي بناء على ذلك لا تعتبر انّ الباب قد أقفل نهائياً امام تمكُّن اللبنانيين من الوصول الى قواسم مشتركة من شأنها ان تنقل مسار التأليف إلى نقطة التفاهم، والرئيس الفرنسي ما زال يأمل في تأليف حكومة في لبنان في وقت قريب، ومن غير المستبعد هنا ان يصل موفد فرنسي الى بيروت في وقت قريب».