كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
لا يزال البعض يتداول في إشكال ميرنا الشالوحي الذي حصل بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” في وقت تُسلّط الأضواء على هذه الإشكالات أكثر من غيرها.
الهتافات ضد “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله لم تُطلق في طرابلس أو الطريق الجديدة أو صيدا أو أي منطقة أخرى، بل أطلقها مناصرو حركة “أمل” خلال تشييع حسين خليل في بلدة اللوبية الذي قضى الشهر الماضي بعد إشكال مع “حزب الله”، ما اضطرّ “الحركة” إلى إصدار بيان تدين فيه التعرض للسيد نصرالله وتدعو إلى التهدئة، مع العلم أنه لا يمرّ أسبوع إلا ويحصل إشكال بين شباب “الحركة” و”الحزب”، ولا يخرج أحد ليقول إن الأمن القومي في خطر.
وما حصل في الجنوب ينطبق أيضاً على خلدة، فقد عاش اللبنانيون ليلة “أكشن” طويلة على التلفزيونات ومواقع التواصل الإجتماعي بعد الإشكال الذي حصل بين “حزب الله” وعشائر خلدة وأسفر عن سقوط ضحية، يومها أيضاً لم يكن الأمن القومي في خطر.
وبقاعاً، يستفيق أهل بعلبك والهرمل يومياً على إشتباكات ويصدر بيان عن قيادة الجيش بأنه تمّ إستخدام الرشاشات والـ “أر بي جي” ومختلف أنواع الأسلحة، والامر بات طبيعياً بالنسبة إلى المتلقّي، وأيضاً هنا لا يكون الأمن القومي بخطر.
لكن أن يحصل إشكال وصدام بين مناصري “القوات” و”التيار الوطني الحرّ” فهناك “الويل والثبور وعظائم الأمور”. بالطبع إن مثل هكذا إشكالات مرفوضة جملةً وتفصيلاً وما يجب أن يسود هو التفاهم السياسي أو الخصومة الديموقراطية، لكن هناك جهات دائماً تصوّر أن مثل هكذا إشكالات تعني حكماً وقوع صدام عسكري أو حرب “إلغاء” جديدة وكأن الطائرات الحربية والمدفعية والراجمات بدأت تضرب.
وعلى رغم كل شيء، إلا أن تسليط الضوء على إشكالات “القوات” و”التيار” مردّه إلى أسباب عدّة أبرزها أن وسائل الإعلام تتمركز في العاصمة والمنطقة المسيحية بينما المشاكل التي تحصل في الأطراف لا تنعم بنفس التغطية الإعلامية على رغم وجود وسائل التواصل الإجتماعي، إضافةً إلى أن المنطقة المسيحية مفتوحة أمام الإعلام ولا يوجد فيها مربعات أمنية، كذلك فإن جروح الماضي والحروب المسيحية السابقة تُعاد وتفتح، بعضها من موقع الحرص على عدم تكررها، والبعض الآخر للتضخيم.
لا شكّ أن “التيار الوطني الحرّ” يحاول أن يبني على الإشكال الأخير لشدّ عصب جمهوره بعد الخسائر المتتالية التي تعرّض لها بسبب سوء إدارة الحكم وفشل العهد في تنفيذ الوعود وإنفجار المرفأ، ويظهر جلياً هذا الأمر بالعودة إلى الماضي والتذكير بالحرب ومآسيها، ويأتي الإستثمار في مشكل ميرنا الشالوحي بعد سلسلة مشاكل حصلت مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل في كل المناطق والتي كادت أن تؤدي إلى حروب متنقلة، وكان أكبرها إشكال قبرشمون العام الماضي، ووصف الرئيس نبيه بري بالبلطجي حيث غزت حينها دراجات حركة “امل” مناطق نفوذ “التيار” ووصلت إلى ميرنا الشالوحي من دون أن يستطيع مواجهتها قبل أن تتم الصلحة ويضطر الرئيس ميشال عون إلى الإتصال ببري للإعتذار.
ولا يبدو أن “التيار” في وارد إستيعاب المشكل بل يذهب إلى التصعيد أكثر، ويعتبر أن سلوك “القوات” ميليشيوي وأنها تستطيع التحرك على الأرض متى تشاء، وبالتالي يجب التصدّي لها.
وبالنسبة إلى “القوات” فإنها تعتبر أن المشكل أصبح من الماضي، وهناك من أطلق النار ويجب أن يحاسب، كما أنها ستقوم بتدابير داخلية من أجل ضبط الشارع ومنع الصدامات على الأرض لأنها لا تريد أن تدخل في مواجهات بل يجب الإحتكام إلى الدولة والقانون.
وفي السياق، فإن كل ما يُحكى عن وساطات لا أساس له من الصحة لأن المشكل عابر والعمل يتم كي لا يتكرر، وبالتالي فإن الأمور ليست بحاجة إلى توسّط بكركي أو إحياء الإتصالات القديمة.
ويبقى الهدف لدى “القوات” هو تجنّب مثل هكذا إحتكاكات، وإستيعابها إذا وقعت وتنظيم الخلافات تحت سقف الدولة، لكنها ترى في المقابل أن “التيار الوطني الحرّ” مأزوم ويحاول التحريض لأنه يبني سياسته على هذه النقطة لذلك لن ننجرّ للعبته، والأمور عندنا إنتهت، لكن من الظلم وضع “القوات” في خانة “التيار” الذي يفتعل إشكالات أينما حلّ.
وترفض “القوات” كل محاولات التخويف من أن الأمور تتّجه نحو حرب مسيحية – مسيحية، حيث تدعو إلى وضع الإشكال في حجمه الطبيعي نتيجة الإحتقان السائد، من هنا فإن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد ساعات قليلة ولا يوجد أي صدام من هذا النوع.