كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
لم يشأ الرئيس المكلف إعلان اعتذاره عن تشكيل الحكومة، وبما يعني سقوط المبادرة الفرنسية، مفضلاً بناء على اتصالات داخلية وخارجية إعطاء بعض الوقت، عله ينجح في إنجاز مهمته وفق الشروط التي وضعها عند تكليفه تشكيل الحكومة، بالرغم من حجم التعقيدات التي تواجه هذه المهمة، وهو ما وضع رئيس الجمهورية ميشال عون في أجوائه خلال لقائهما، بعد ظهر أمس في قصر بعبدا، شارحاً له الصعوبات التي واجهته، ومنعته حتى الآن من تشكيل الحكومة، بعدما شعر أن أبواب الحل موصدة أمامه، وإن كان الفرنسيون لم يمانعوا في إطالة أمد مبادرتهم حتى آخر الأسبوع، بانتظار حصول تطورات تصب في مصلحة الخروج من هذه الأزمة التي تهدد البلد بعواقب وخيمة.
ووفقاً للمعلومات التي توافرت لـ«اللواء»، فإن الرئيس أديب قوبل أثناء المفاوضات مع «الثنائي الشيعي» بتشدده بالنسبة لحقيبة وزارة المالية، ورفضه التنازل عنها، وهو ما يتناقض كلياً مع الاعتبارات التي وضعها الرئيس المكلف لمهمته عند تكليفه تأليف الحكومة، وفقاً لما تنص عليه المبادرة الفرنسية التي لا يريد تعديل أي بند فيها، والتي تعتبر المداورة أساسها، لأن ذلك سيفتح الباب أمام تعديلات أخرى لا يمكن الاستجابة لها. ورغم محاولات الرئيس أديب تدوير الزوايا إلا أنه كان يواجه بتعنت الفريق الشيعي وحده، والذي كان يشترط أن تكون «المالية» من حصته، وأن يعطى حق تسمية من سيتسلمها، ما يعني عملياً توجيه ضربة قاضية للمبادرة الفرنسية التي يحرص الرئيس المكلف والعهد على ضمان نجاحها.
وإذا كان الرئيس أديب قد أعلن تريثه ولم يقدم اعتذاراً، إلا أن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» تستبعد إحداث خرق في جدار الأزمة طالما استمر الثنائي على موقفه، وهذا بالتأكيد لا يمكن أن يقبل به الرئيس أديب الحريص على تنفيذ مبادرة الفرنسيين كما هي. وفي حين يعول البعض على مزيد من الاتصالات التي قد تجريها باريس مع القوى السياسية، لدفعها لتقديم تنازلات لمصلحة المساعدة على تشكيل الحكومة، إلا أن سقف التوقعات يبقى محدوداً، إذا لم يحصل تغيير أساسي في موقف الثنائي الذي يحاول فرض شروطه على الرئيس المكلف، وسط مخاوف المعارضة من إمكانية تجاوب الجانب الفرنسي مع مطالب هذا الثنائي وإبقاء «المالية» في حوزته.
وأشارت المعلومات الى أن رئيس الجمهورية سيحاول من جهته السعي لتقريب وجهات النظر، وبما يعطي المبادرة الفرنسية دفعاً جديداً، في حين سيعمل الرئيس أديب انطلاقاً من الخطة التي وضعها، على إجراء جولة مشاورات إضافية، قد تترجم بزيارات هذه المرة لقيادات سياسية، بهدف الخروج من المأزق الذي يهدد لبنان الغارق في أزماته، آملاً بحصول تجاوب يفضي إلى إزالة العقبات الموجودة التي تؤخر التشكيل، من دون استبعاد دخول فرنسي مباشر على خط التأليف، من خلال زيارات يقوم بها مسؤولون في خلية الأزمة التي أنشأها الرئيس إيمانويل ماكرون الذي دعم تمديد مبادرة حتى الأحد، لإعطاء فرصة إضافية للمشاورات.
لكن وبالرغم من قبول الرئيس المكلف تمديد مهمته، إلا أنه ثابت على موقفه ولن يلين تجاه ما يتعرض له من ضغوطات. فإما تشكيل حكومة وفق قناعاته دون إملاءات من أي طرف، وإما الاعتذار عن إكمال المهمة، وهو الخيار المرجح أكثر من غيره، لأن هناك من يتذرع بالعقوبات الأميركية التي ليست جديدة، للانقلاب على المبادرة الفرنسية وتعريض البلد لمخاطر لا يمكن التكهن بنتائجها على كافة الأصعدة.