لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام كل التفاصيل التي كشفتها العقوبات الأميركية على كلّ من وزير “المردة” السابق يوسف فنيانوس ووزير “أمل” السابق علي حسن خليل.
ففي التفاصيل أن الوزيرين عمدا كل من موقعه على تسهيل أمور “حزب الله” داخل مؤسسات الدولة، وتسخير وزارتيهما من أجل تأمين مردود مالي للحزب ولبيئته الحاضنة.
هكذا فعل علي حسن خليل من أجل إعفاء تابعين للحزب من دفع الضرائب المتوجبة عليهم، ما حرم الخزينة مبالغ طائلة. وهكذا أيضاً تبيّن أن يوسف فنيانوس كان يؤمّن مصالح “حزب الله” عبر وزارة الأشغال من اجل منح التزامات لمقرّبين من الحزب، وهكذا تبيّن أن “حزب الله” تآمر مع الوزير السابق فنيانوس على سبيل المثال لا الحصر في إسناد التزامات حكومية بملايين الدولارات لشركتي “أرض” و”معمار” اللتين يشرف عليهما المجلس التنفيذي لـ”حزب الله” لتأمين مردود من أرباحهما للحزب بشكل مباشر، ومرة جديدة على حساب الخزينة اللبنانية!
إنطلاقاً من هذه المعادلات يتبيّن أن تسمية كل وزراء 8 آذار كانت تتم عبر “حزب الله” لتأمين وصول وزراء يدينون بالولاء له أولاً ويؤمنون مصالحه على حساب الدولة والخزينة والقوانين بما يسمح باستمرار تمويل الحزب، ولو وانهارت الدولة!
وهكذا يتبيّن أن يوسف فنيانوس بهذا المعنى كان يقبض ثمن توقيعه، كما كان يتهم النائب حسن فضل الله، ولكن تبيّن أن فنيانوس كان يقبض ثمن توقيعه من “حزب الله” كما جاء في تفاصيل العقوبات الأميركية على وزير “المردة” الذي تقاضى مئات آلاف الدولارات من الحزب مقابل تسهيل نيل الشركات التابعة للحزب على التزامات وتعهدات من وزارة الأشغال العامة والنقل. وكل هذه التفاصيل تحتّم فتح ملف شبكات الفساد التابعة للحزب داخل مؤسسات الدولة والارتباط الواضح ضمن هذه الشبكات مع وزراء “المردة” و”أمل” وربما غيرهم. فهل سيجرؤ المدعي العام المالي على فتح هذه الملفات وفضح الشبكات أم أن هؤلاء يُصنّفون ضمن “القديسين” الذين لا يستطيع أحد مساءلتهم؟ وهل يجرؤ النائب فضل الله أن يبدي رأيه علناً في هذه الوقائع والتفاصيل؟ وهل يمكن لمجلس النواب أن يحيل الوزيرين السابقين إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء؟ وهل يتجرّأ بعد اليوم تيار “المردة” وحركة “أمل” على المحاضرة في محاربة الفساد؟!