أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة إلى أن “ما شاهدناه مؤخرا من اقتتال بين الإخوة محزن جدا، ويجعلنا مجربين بفقدان الأمل بغد أفضل، لأن المسيحيين نبذوا المسيح، صلبوه مجددا، وتبعوا أصناما وأشباه آلهة، نصبوها سيدة عليهم. إستيقظوا يا أبناء الرب! هل يتقاتل زعماؤكم من أجلكم؟ وإن تحاربوا كلاميا، أليس من أجل مصالحهم وجيوبهم؟ وفي النهاية تكون آخرتكم أنتم في القبور، وهم يبقون متربعين على عروشهم، يحصون أرباحهم، فيما تتشح أمهاتكم وأخواتكم بالسواد، وتنهمر دموعهن أنهارا لا تنضب. ألم تتعظوا من سنوات الحرب الطوال؟ لقد تخلى المسيحيون عن المسيح وآن أوان العودة إليه لكي يمد لنا يد العون. هل الزعيم هو الذي صلب ليخلصكم من الموت؟ هل يفكر الزعيم في أن يتألم ولو قليلا من أجل أتباعه؟ حتى الآن لم نر هذا، وطبعا لن نعاين كهذه الأعجوبة في بلدنا الحبيب. جل ما يشاؤه الزعيم أن يحافظ على منصبه وحصته، أما البلد المفجر والمحترق والمشرذم فلا يعنيه”.
وأضاف المطران خلال قداس الاحد في كنيسة القديس جاورجيوس في وسط بيروت: “لقد شخصت أعين اللبنانيين إلى زعماء بلادنا، علهم يبدلون نهجهم ويخرجون بحكومة تحاكي تطلعات أبناء هذا البلد المنكوب، بحسب الوعد الذي قطعوه، لكن أمراء السلطة والمال في بلدنا المسكين فضلوا المضي في نهجهم المعوج، وعدم الإصغاء إلى النصائح التي قد تنتشل لبنان من الهاوية، وتابعوا النهش في ما تبقى منه، بغية الحصول على ما يشبع جشعهم، ويخفي فشلهم، ويطمس اختلاسهم، ويخدم مآربهم.”
وتابع قائلا: “أتساءل أحيانا، هل توجد إرادة حقيقية للعمل والإصلاح والإنقاذ؟ هل توجد رغبة حقيقية في تغيير النهج والسلوك؟ أقول هذا لأننا نلمس تشبثا بالعادات القديمة وما يرافقها من مطالب ومطبات وعراقيل. فما زالت حسابات الثلث ورفض المداورة والتشبث بالمشاركة في التوقيع قضايا مستعصية تتقدم على حياة الشعب الذي لا يكاد يتخلص من مأساة حتى تحل به أخرى تزيده بؤسا وفقرا ويأسا، فيما المسؤولون يتلهون بقضاياهم بذريعة الحقوق أحيانا والميثاقية أحيانا أخرى، متجاهلين أن لبنان يحتضر، وشعبه يكفر بهم وبجشعهم وتخطيهم للدستور والأعراف والمواثيق. لقد فقد المواطنون ثقتهم بالدولة إلى حد المطالبة بانتداب جديد حينا، وبعدم تسليمها المساعدات حينا آخر. هل هذا طموح أي مسؤول يتبوأ مركزا عاما من أجل الخدمة؟”
وقال “للزعماء”: “تذكروا قول الرب: “قايين ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض” (تك 4: 10). أنتم تختبرون طول أناة الله، وما زلتم تنهشون لحم إخوتكم الذين أوكلكم الرب مسؤولية رعايتهم. إسمعوا جيدا ما يقوله الرسول بولس: “لكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تدخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة” (رو 2: 5).”
وختم عودة: “أما أنتم يا أبناء لبنان، المسيحيون منكم خصوصا، لا تهلكوا أنفسكم من أجل زعيم، كائنا من كان، يغدق عليكم الوعود قبل الإنتخابات، وينساكم بعدها.، وتتدغدغ كبرياؤه بمشاهدة مناصريه يحملون الأسلحة ويهتفون باسمه ويقاتلون مواطنيهم، أما أمنكم فلا يعنيه. لقد سئمت أنفسنا مشاهد الإقتتال، وصمت آذاننا من سماع الشعارات والإتهامات والشتائم، فهلا أحببتم بعضكم بعضا كما أحبنا المسيح باذلا نفسه على الصليب؟! أنبذوا الدمار والسلاح والموت وأبعدوها عن أبنائكم، الذين نعول عليهم لبناء الدولة. إرحموا أولادكم وهذا البلد! يقول الرب في إنجيل اليوم: “ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أم ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟”. ألا يخسر المقتتلون أنفسهم وأحباءهم ووطنهم؟ فماذا ينتفعون إن ربحوا حربا دموية وخسروا فيها أعزاءهم ومستقبلهم؟”