قدم رئيس حزب التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اقتراحا لإنهاء الخلاف حول وزارة المالية بعرض فكرة المداورة، أي منح الحقيبة لغير الثنائي الشيعي، وتسليمها إلى إحدى الطوائف الصغيرة، في خطوة قالت أوساط لبنانية إن الهدف منها هو المناورة والبحث عن مخارج لرفع الحرج عن حزب الله.
وإلى الآن يدور خلاف شديد حول منصب وزير المالية ما يعرقل إسراع رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب بتقديم تشكيله الحكومي، في ضوء خطوط حمراء من فرنسا والولايات المتحدة أمام أيّ شخصية محسوبة على حزب الله أو تلعب دورا في خدمته.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد حذّر فرنسا من أن جهودها لحل الأزمة في لبنان قد تضيع سدى إذا لم يتم التعامل على الفور مع مسألة تسلّح جماعة حزب الله المدعومة من إيران.
ويدور الاقتراح الذي قدمه التيار الوطني الحر، السبت، حول إسناد الوزارات الرئيسية إلى طوائف أصغر في البلد الذي يتقاسم فيه المسلمون والمسيحيون السلطة.
واقترح زعيم حزب التيار الوطني الحر الذي أسسه عون ويتحالف مع جماعة حزب الله الشيعية “القيام بتجربة توزيع الوزارات المعروفة بالسيادية على الطوائف الأقل عددا وبالتحديد على الدروز والعلويين والأرمن والأقليات المسيحية”.
وصدر البيان بعدما ترأس جبران باسيل رئيس الحزب اجتماعا للهيئة السياسية للحزب.
وقال مسؤول في التيار الوطني الحر إن الحزب لم يناقش فكرة توزيع الوزارات مع حزب الله أو حركة أمل. وأضاف المسؤول “نقترح استراتيجية خروج للعالقين على شجرة دون سلّم”.
واعتبرت الأوساط اللبنانية، سالفة الذكر، أن جبران باسيل، الذي ربط مصيره السياسي بحزب الله، يعمل على إيجاد شخصية ظاهريا تكون مستقلة ومدافعة عن الطائفة التي تنتمي إليها، لكن في الحقيقة يتم البحث عن شخصية متعاونة تكون أقرب إلى التيار الوطني الحر أو إلى حزب الله، وربما توفر مخرجا لحزب الله من خلال التمويه على حساباته وتعاملاته المالية.
استراتيجية نزول العالقين على الشجرة
وأشارت الأوساط إلى أن باسيل سبق أن اقترح فكرة المداورة، منذ أيام، وتقضي بعدم احتكار المجموعات الطائفية المعروفة للوزارات السيادية، لكنّها لفتت إلى أن باسيل يعرف مسبقا أنّ هذه الفكرة لا تقبل من أيّ جهة إذا لم تكن خادمة لخططها، وخاصة بالنسبة إلى الثنائي الشيعي؛ حركة أمل وحزب الله.
ولم يصدر بعدُ ردّ عن مسؤولين في فصائل شيعية تصرّ على أن تختار هي من يشغل العديد من المناصب. لكنّ مصدرا سياسيا مطلعا على تفكير الجماعات الشيعية المهيمنة قال إن الفكرة لن يكتب لها النجاح على الأرجح.
وتريد الجماعتان الشيعيتان الرئيسيتان في لبنان اختيار الشخصيات التي ستشغل عددا من المناصب من بينها وزير المالية وهو منصب كبير عادة ما يطلق عليه وزارة “سيادية”.
ويرغب رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، في تغيير شامل لقيادة الوزارات التي ظلت حكرا على الطوائف نفسها لسنوات.
وسيكون لوزير المالية دور حيوي بينما يرزح لبنان تحت وطأة ديون ثقيلة ويصيب الشلل مصارفه ومع سعي البلاد لاستئناف محادثات متعثرة مع صندوق النقد الدولي وهو ما يمثل أول خطوة وفقا لخارطة طريق وضعتها فرنسا.
ولم تثمر جهود لبنان لتشكيل حكومة جديدة سريعا عن شيء بسبب خلاف على كيفية اختيار الوزراء في بلد تتحدّد فيه الولاءات السياسية على أسس طائفية.
وانقضت في الـ15 من أيلول مهلة تم الاتفاق بشأنها مع فرنسا لتشكيل حكومة جديدة. وتقود باريس جهود إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي وعبّرت عن غضبها ونصحت بيروت بالتحرك “دون تأخير”.
ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إنجاز إصلاحات جدية وطارئة لدعمه مالياً على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي يشهده منذ نحو عام وفاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي.