IMLebanon

الراعي: بأيّ صفة تطالب طائفة بوزارة معيَّنة كأنَّها ملك لها؟

توجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب قائلا: “ندعوك للتقيد بالدستور، وتمضي في تأليف حكومة ينتظرها الشعب والعالم، فلا داعي لا للخضوع لشروط ولا للتأخير ولا للاعتذار.”

وتابع: “إن تحمل المسؤولية في الظرف المصيري هو الموقف الوطني الشجاع. فمن أيدوك فعلوا ذلك لتؤلف حكومة لا لتعتذر. ورغم كل الشوائب، لا يزال النظام اللبناني ديمقراطيا برلمانيا، ويتضمن آليات التكليف والتشكيل ومنح الثقة أو عدم منحها. فألف ودع اللعبة البرلمانية تأخذ مجراها. وأنت ولست وحدك.”

وسأل الراعي في قداس عن روح شهداء المقاومة اللبنانية في كنيسة سيدة ايليج في ميفوق: “بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها، وتعطل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها، وهي بذلك تتسبب بشلل سياسي، وأضرار اقتصادية ومالية ومعيشية؟ أين أضحى اتفاق القوى السياسية المثلث من أجل الاصلاح: حكومة انقاذ مصغرة، وزراء اختصاصيون مستقلون ذوو خبرة سياسية، المداورة في الحقائب؟”

وتابع: “إذا عدنا إلى  المادة 95 من الدستور الذي عدله اتفاق الطائف، نقرأ صريحا في الفقرة باء: “تكون وظائف الفئة الأولى – ومن بينها الوزارات – مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية منها لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة”.

وأضاف: “فهل عدلت هذه المادة في غفلة، أم تفرض فرضا بقوة ما أو استقواء؟ هذا غير مقبول في نظامنا اللبناني الديموقراطي التنوعي. ثم أي علم دستوري يجيز احتكار حقيبة وزارية؟ نحن نرفض التخصيص والاحتكار، رفضا دستوريا، لا طائفيا، ورفضنا ليس موجها ضد طائفة معينة، بل ضد بدعة تنقض مفهوم المساواة بين الوزارات، وبين الطوائف، وتمس بالشراكة الوطنية ببعدها الميثاقي والوحدوي بهدف تثبيت هيمنة فئة مستقوية على دولة فاقدة القرار الوطني والسيادة.”

وقال الراعي: “المسؤولون السياسيون الذين يسيرون في نهج هذه الثقافة الجديدة، وفي مفهوم السلطة الأصيل، هم الذين يبنون الأوطان، ويخلدون أسماءهم في تاريخها. أما الأموال التي يكدسها “تجار السياسة”على حساب الشعب، فتدفن معهم، وهم معها. ويا ليتهم ما كانوا. فبالنسبة إلينا، لسنا مستعدين أن نعيد النظر بوجودنا ونظامنا كلما عمدنا إلى تأليف حكومة. ولسنا مستعدين أن نقبل بتنازلات على حساب الخصوصية اللبنانية والميثاق والديمقراطية. ولسنا مستعدين أن نبحث بتعديل النظام قبل أن تدخل كل المكونات في كنف الشرعية وتتخلى عن مشاريعها الخاصة. ولا تعديل في الدولة في ظل الدويلات أو”الجمهوريات”بحسب تعبير فخامة رئيس الجمهورية. فأي فائدة من تعديل النظام في ظل هيمنة السلاح المتفلت غير الشرعي أكان يحمله لبنانيون أو غير لبنانيين. إن إعادة النظر في النظام اللبناني وتوزيع الصلاحيات والأدوار يتم إذا كان لا بد منه – بعد تثبيت حياد لبنان بأبعاده الثلاثة: بتحييده عن الأحلاف والنزاعات والحروب الإقليمية والدولية؛ بتمكين الدولة من ممارسة سيادتها على كامل أراضيها بقواتها المسلحة دون سواها، والدفاع عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي، ومن ممارسة سياستها الخارجية؛ بانصراف لبنان إلى القيام بدوره الخاص ورسالته في قلب الأسرة العربية، لجهة حقوق الشعوب، وأولاها حقوق الشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين والنازحين إلى أوطانهم، ولجهة التقارب والتلاقي والحوار والاستقرار.”

ولفت الراعي إلى أنه “في ضوء ما يتميز به  لبنان في صيغته التعددية ثقافيا ودينيا، وإقرار “حرية إبداء الرأي قولا وكتابة وحرية الطباعة والتأليف”بموجب المادة 13 من الدستور، لا يسعنا إلا التعبير عن أسفنا لرؤية رجل دين معروف بوطنيته وحرصه على العيش المشترك واحترامه لكل دين وطائفة، وباخلاصه للبنان، يستدعى أمام القضاء لمجرد إبلاغ معروف مصدره وغايته”.

وسأل: “أبهذه البساطة أصبح يتحرك القضاء عندنا خلافا لمبدأ تبيان “الدخان لقضية قائمة”، فيما هو يتقاعس حيال القضايا الأساسية الأخرى؟ فأين أصبحت ملفات الفساد الكبير والهدر الأكبر؟ وأين أصبحت التحقيقات في المواد الغذائية والأدوية؟ وأين أصبحت التحقيقات في تهريب الملايين والمليارات من الاموال؟ وأين أصبحت التحقيقات في تفجير المرفأ وقد مضى عليه ستة وخمسون يوما؟”.