في موقف غير مسبوق، فاجأ الاوساط السياسية توجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الاحد من دير سيدة إيليج برسالتين، الاولى مباشرة إلى الرئيس المكلف داعياً إياه إلى عدم الخضوع للشروط وعدم الاعتذار، والثانية غير مباشرة إلى كل من يعنيه الأمر وفي طليعتهم “حزب الله”، متسائلاً: ”بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها وتعطل تأليف الحكومة حتى الحصول على مبتغاها؟” واعلن “اننا نرفض التخصيص والاحتكار رفضا دستوريا لا طائفيا ورفضنا ليس ضد طائفة معينة بل ضد بدعة تنقض مفهوم المساواة بين الوزارات والطوائف. فهل عدلت المادة 95 من الدستور في غفلة، أم تفرض فرضاً بقوة ما أو استقواء”، مؤكداً أن “هذا غير مقبول في نظامنا اللبناني الديموقراطي التنوعي”، مشيراً إلى “أننا لسنا مستعدين ان نبحث بتعديل النظام، قبل ان تدخل كل المكونات في كنف الشرعية، وتتخلى عن مشاريعها الخاصة، ولا تعديل في النظام في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي”.
ما اعلنه البطريرك الراعي، بحسب ما أفادت مصادر عليمة “المركزية”، بدا تتويجا لمواقفه البارزة المناهضة لتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة بل بدا كرأس حربة أساسية في جبهة الرافضين لهذا التعطيل تحت ذرائع لا سند دستوريا او ميثاقيا او واقعيا لها”، لافتة الى “ان البطريرك لم يتحدث بلغة طائفية إنما انطلاقاً من الدستور والمنطق”. وجاءت نتيجة عرقلة “الثنائي الشيعي” تشكيل الحكومة بعد إصراره على الاحتفاظ بحقيبة المال.
ولم يتأخر المجلس الاسلامي الشيعي في الرد، معرباً عن اسفه لانحدار الخطاب الى تحريض طائفي يشوه الحقائق، ويفتري على طائفة قدمت خيرة شبابها لتحرير الوطن من الارهابيين الصهيوني والتكفيري”، مؤكدا “ان المطالبة باحتفاظ الطائفة الشيعية بوزارة المالية هو من منطلق الحرص على الشراكة الوطنية في السلطة الاجرائية”.
وفي ضوء التصعيد الحاصل وردود الفعل المستنكرة من قبل شخصيات شيعية، اتخذت طابعا طائفيا بعيداً عما قصده البطريرك الراعي الذي قارب المسألة من منطلق دستوري بحت، التزمت بكركي الصمت ولم ترد على خطاب المجلس الشيعي كي لا تدخل في الحرتقات التي يحاولون جرها اليها، كما أكدت المصادر، مشيرة الى دور للجنة الحوار الاسلامي -المسيحي التي تعمل دائماً على تقريب المسافات؟”
في هذا الاطار، علمت “المركزية” ان اللجنة ستعقد اجتماعاً في اسرع وقت للتشاور في ما آلت اليه الامور على هذا المستوى والاجراءات الممكن اتخاذها. وأكد عضو اللجنة محمد السماك لـ”المركزية” “ان الاتصالات تجري بين الاعضاء كي يتم الاجتماع في أسرع وقت ممكن، رغم ظروف الكورونا، خاصة واننا نتجنب هذه الاجتماعات، لكن الظرف يتطلب ذلك”.
وفضّل السماك عدم تجاوز اللجنة وإعطاء رأيه في الموضوع بانتظار ان تجتمع اللجنة بكافة ممثليها، ويكون بالتالي الموقف جماعيا لا فردياً، وتتقرر خلاله الخطوة التالية وما هي الامكانية المتاحة وفي ضوئها نتصرّف”، لافتاً الى “اننا لا نقفز فوق السطوح، بل نحن واقعيون”، مشدداً على “ان اللجنة تشعر ككل المواطنين بحراجة الوضع لكن لا يمكنها اتخاذ مبادرات، فهي “مطبخ” تقوم بمد الجسور للعبور وتقرّب المسافات وتعالج الاشكاليات، اما مضمون المعالجات فيتم مع المرجعيات نفسها”.