كتب داود رمال في “أخبار اليوم”:
هي حرب ارادات وثبات في الموقف وعدم التراجع مهما كانت الضغوط، يخوضها ثنائي حركة امل وحزب الله، تحت عنوان في الشكل اسمه “تأليف الحكومة” وفي المضمون “انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية وفرض وقائع سياسية مغايرة لكل السياق العام”.
درس لنا
هذه المعركة التي تصفها قيادات رفيعة في الثنائي بأنها “حرب تموز جديدة”، فالسابقة خيضت بالحديد والنار والحصار واليوم تخاض بالسياسة والمال والاقتصاد والعقوبات”، وكما كانت ادارة الحرب الاولى تدار الحرب الحالية على قاعدة “يا وحدنا”، بعدما ثبت بما لا يقبل مجالا للشك، ان الحلفاء على تنوع احجامهم “ليسوا سوى ثقالات يأكلون من صحن المقاومة وجمهورها وعندما يتخمون بعدما يصلون الى مبتغاهم يبخلون ولو بموقف لحفظ ماء وجوههم وصولا الى حد الانقلاب، ولكن ما يحصل اليوم هو درس لنا ورفع الحجة عنا، وفي الاستحقاقات المقبلة لا وعود ولا عهود انما مصالح وظروف”.
خروج عن المبادرة الفرنسية
بعدما تولى رئيس مجلس النواب نبيه بري امر الرئيس سعد الحريري وكانت الجلسة التي خرج منها الاخير خالي الوفاض، و”ترنّ في اذنيه عبارة يا ابني”، تحرك حزب الله على خط حارة حريك – بعبدا وحارة حريك – ميرنا الشالوحي، لجس النبض والاطمئنان الى ثبات الموقف خاصة ان كل ما يدور بعد تسمية مصطفى اديب تشكيل الحكومة لا يمت بصلة الى المبادرة الفرنسية انما خروج صريح عنها وانقلاب على روحها ومندرجاتها. لم يجد الحزب لا في بعبدا ولا في ميرنا الشالوحي ما كان يتوقعه، انما تبريرات تشي بعدم القدرة على تحمل الضغوط التي تأخذ حدين؛ المهلة الفرنسية وسيف العقوبات المسلط، واذا كان الحزب لا يعنيه موضوع العقوبات، الا ان موفديه الى المقريّن لمسا تهيبا كبيرا للامر نتيجة اعتبارات تتصل بمصالح التياريين والعونيين في الخارج والتي لا تتحمل مزيدا من النزف نتيجة مواقف سياسية، وهذا الامر يتفهمه حزب الله جيدا.
رسالة من نصر الله الى عون
في المرة الاولى التي صعد فيها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى بعبدا نقل الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة شفوية من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، نقطة الارتكاز فيها هي مدى قدرة عون على عدم التوقيع على تشكيلة حكومية لا يوافق الثنائي الشيعي على الوزراء الشيعة فيها وحقيبة المالية ليست من حصة الطائفة الشيعية، شرح عون في اللقاء الضغوطات الكبيرة وانه لا يستطيع ان يؤخّر ولادة الحكومة الى ما لا نهاية ولكن في نهاية اللقاء وعد بانه لن يوقع على مرسوم تأليف الحكومة من دون موافقة الحزب. وذات الموقف اعلنه الرئيس المكلّف مصطفى اديب بقوله انه لن يشكل حكومة من دون وفاق وطني.
الهدف هو انقلاب
دارت الامور وتعددت الاتصالات الداخلية والخارجية، وازداد اليقين يقينا لدى الثنائي بأن الهدف هو انقلاب على التوازنات السياسية القائمة، وتحت عنوان “حكومة الاختصاص” يريدون تشكيل حكومة اللون الواحد، فسارع الحزب الى ابلاغ من يعنيهم الامر بأن الثنائي لن يغطي اي حكومة لا يسمي الوزراء الشيعة فيها ولا تكون وزارة المالية من حصة الشيعة، ولن نقبل بعدما حاز اديب على تسميتنا ان يشكّل الحكومة “نقابة رؤساء الحكومة السابقين” (اي نادي الرؤساء)، واذا حصل وصدر مرسوم التأليف خارج موافقتنا واقرت الحكومة بيانها الوزاري واحالته الى مجلس النواب لتنال على اساسه الثقة، فان الرئيس بري لن يتأخر في تحديد موعد لجلسات المناقشة انما هناك 27 نائبا شيعيا هم حصة الشيعة في مجلس النواب وعلى رأسهم بري لن يحضروا جلسات الثقة.
في الساعات الاخيرة!
ماذا حصل في الساعات الفاصلة عن اطلالة رئيس الجمهورية متحدثا عن ازمة تأليف الحكومة؟
يكشف مصدر دبلوماسي لوكالة “اخبار اليوم” انه “بعدما امتنع مصطفى اديب عن الاعتذار نتيجة طلب فرنسي، وزار القصر الجمهوري متحدثا عن صعوبات واستمرار التشاور، حصل مساء الخميس الماضي – وعلى مدى ثلاثة ساعات- تواصل عبر الدائرة المغلقة بين الجانب الفرنسي بشخص المدير العام لجهاز المخابرات الفرنسية برنار ايميه ومعه خلية الازمة والجانب الاميركي بشخص ديفيد هيل وديفيد شينكر، وبعد اخذ ورد حول اسناد حقيبة المالية الى شيعي، كان اتفاق فرنسي – اميركي على مخرج يقول: تكون حقيبة المالية من حصة الثنائي الشيعي ولكن يسمي شخصية مارونية او سنية تحظى بموافقته، وجرت عملية جس نبض غير مباشرة للثنائي ولم يتأخر الرفض المبني على التمسك بحقيبة المالية لشيعي وبتسمية كل الوزراء الشيعة في الحكومة”.
تجدد اللقاء بين عون ورعد السبت الماضي، وفي نهايته توجه رئيس الجمهورية الى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة بالقول “سأسمي شخصيا وزير المالية”، رد رعد “هل سيكون شيعيا؟”، اجابه عون “لا سيكون مارونيا”، فكرر رعد الرفض.
انتقام وتنفيس احقاد
كل ذلك يؤشر الى عدم امكانية القوى السياسية الداخلية على انتاج الحل وتشكيل الحكومة بعدما ادخلها البعض في عمليات انتقام وتنفيس احقاد شخصية مستفيدا من تغطية خارجية، ومن كان يظن ان المشكلة مع بري وجد ان مواقف رئيس المجلس رحمة امام عناد قيادة حزب الله في الموقف الرافض لاي تنازل يحمل بصمات الهزيمة في الملف الحكومي، خصوصا ان من يدير عملية التأليف هو “نقيب نقابة رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة غير المأمون الجانب”.
في عين التينة يسمع الزوار كلاما حاسما من بري “انا على تنسيق لحظوي مع اخي السيد نصرالله ولا تراجع تحت اي ضغط او تهويل، وانصح العابثين بالوفاق الحكومي ان يلعبوا غيرها”.