كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:
رغم انّ أرقام ادارة الإحصاء المركزي تفيد بأنّ القطاع التجاري تراجع بنسبة 11 في المئة في 2019 ، إلّا انّ المعنيّين يؤكّدون انّ نسبة التراجع بلغت 80 في المئة هذا العام، وقد خرج نحو 50 في المئة من المؤسسات من السوق، في حين انّ وكلاء العلامات التجارية العالمية ينسحبون تدريجياً من لبنان.
كشف تقرير إدارة الإحصاء المركزي حول «الحسابات القوميّة الفصليّة» للفصل الرابع من العام 2019 ، أنّ الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي في لبنان سجّل تراجعاً بلغت نسبته 6.7% خلال العام 2019 . أما بالنسبة للناتج المحلّي الإسمي، فقد تراجع هذا الأخير بنسبة 2.54% ليصل إلى 80.80 تريليون ل.ل. (أي ما يوازي نحو 53.60 مليار دولار).
في التفاصيل، تباطأ النمو الحقيقي لقطاع البناء بنسبة 29%، رافقه تراجع في قطاع خدمات الشركات بنسبة 15%، وتراجع في قطاع الصناعة والإستخراج والمرافق الحيويّة بنسبة 13%، المطاعم والفنادق -12%، التجارة والنقل -11%، المعلومات والاتصالات -9%، الخدمات المالية -4%، الخدمات الشخصية والتعليم الخاص والصحة -2%.
في المقابل، سجّل قطاع الزراعة والحراجة وتربية الماشية وصيد الأسماك نمواً بنسبة 6%، توازياً مع تطوّر القطاع العقاري والذي يشكِّّل المكوّن الأكبر في الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد بنسبة 3%.
في هذا الاطار، اعتبر عضو لجنة القضايا الإنتاجية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال، انّ أرقام الاحصاء المركزي غير دقيقة، وانّ نسبة التراجع في كافة القطاعات تفوق ذلك بكثير، مشيراً الى انّ حجم الناتج المحلي تراجع في العام 2019 بنحو 5 مليارات دولار.
وقال لـ«الجمهورية»، انّ القطاع الخاص منهك جدّاً و«في أيّامه الأخيرة»، موضحاً انّ القطاع التجاري المتعلّق بالكماليات، اي باستثناء المواد الغذائية والاستهلاك اليومي، تراجع في العام 2019 بنسبة تراوحت بين 20 و50 في المئة، اي بمعدل 30 في المئة على الاقل، مقارنة مع العام 2018، في حين انّ التراجع في العام 2020 بلغ لغاية الآن حوالى 80 في المئة، والدليل على ذلك انّ حجم الاستيراد تراجع بنسبة 50 في المئة من حوالى 20 مليار دولار في 2019 الى ما بين 10 الى 11 مليار دولار، منها 6 الى 7 مليارات تعود لاستيراد القمح والادوية والمحروقات. وبالتالي، لفت رمّال الى انّ حجم القطاع التجاري تقلّص الى نحو 3 الى 4 مليارات دولار، من ضمنها السلة الغذائية والاستهلاكية اليومية، أي انّ القطاع التجاري المرتبط بالكماليات تراجع حجمه الى ما بين 1 و2 مليار دولار، مقارنة مع 5 الى 6 مليارات دولار.
ورأى انّ العام 2020 هو من أسوأ السنوات التي مرّت على لبنان منذ تاريخ قيامه، «وللأسف لا نرى بصيص أمل في الافق، بل نحن متجّهون نحو المزيد من الاقفالات في القطاع الخاص وسحب علامات تجارية من الاسواق، وهو ما حصل في الامس، حيث قامت احدى اكبر الشركات الخليجية التي تملك وكالات عالمية عدّة، بسحب عدد من من وكالاتها من لبنان وبالتالي تسريح عدد كبير من العمال».
واكّد رمّال، انّ تراجع القطاع التجاري بنسبة 80 في المئة يعني خسارة وظائف بالمعدل نفسه، بالاضافة الى تراجع ايرادات الدولة التي يغذيها القطاع الخاص بالنسبة الاكبر من خلال رسوم الجمارك والضريبة على القيمة المضافة، بما بين 30 الى 40 في المئة، ما سيؤدي الى ارتفاع عجزها المالي والى طباعة المزيد من العملة المحلية لتمويل هذا العجز، وبالتالي زيادة التضخم وتراجع سعر صرف العملة.
وفيما أشار الى انّ القطاع الخاص يوظف حوالى 800 الف لبناني، اكّد انّ خسارة كلّ وظيفة في القطاع الخاص تنهك الدولة وتكبّدها اعباء مالية اضافية من ناحية فقدان الضريبة على الراتب وتوجّه الاجير نحو وزارة الصحة للطبابة ونحو المدارس الرسمية.
وحول التوقعات بالنسبة للعام 2020، أكّد رمّال ان 50 في المئة من القطاعات التجارية والخدماتية خرجت او ستخرج من السوق هذا العام، مشدّداً على انّه مع كلّ تراجع اضافي في القدرة الشرائية للمواطن اللبناني هناك تعثر اضافي لدى المؤسسات التجارية التي ستتوجّه نحو المزيد من التخفيض في كلفتها الاشغالية وصولاً الى التصفية التامة والاقفال.