IMLebanon

مَن سيتراجع لتولد الحكومة: الثنائي أو “أمّ الصبي”؟

لم تحقّق اطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون التلفزيونية امس، والتي أرادها لاقتراح حلّ يساعد في كسر المراوحة السلبية حكوميا، الهدف. فأي رد على طرحه “إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف”، لم يصدر عن القوى السياسية المتصارعة على حلبة التشكيل، في صمت ثقيل ليس هذه المرة دليل رضى.

وبعد الخطاب الذي حرص فيه “سيد القصر” على الوقوف في الوسط، متخذا موقع الحكم بين الثنائي الشيعي ونادي رؤساء الحكومات السابقين، ممسكا العصا من نصفها، بات واضحا، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ان لا حلّ للمأزق القائم، الا بتراجع واحد من هذين الفريقين، للآخر.

المبادرة الفرنسية اذا عالقة في شرك التعقيدات المحلية التي أثبتت انها، حتى اللحظة، عصيّة على كل جهود باريس ورئيسها ايمانويل ماكرون واتصالاته. لكن الاخير لا يبدو في وارد الاستسلام، وقد اصبح على يقين بمكمن الداء “المالية”. وعليه، فإنه يواصل مساعيه لايجاد الدواء اللازم له. بحثه يدور على خطين: الاول، لبناني، حيث يكثّف اتصالاته بالثنائي الشيعي وببيت الوسط ايضا، للتوصل الى اتفاق وسط في شأن الوزارة، قد يقوم على اختيار شخصية شيعية من الصنف “اللايت” توافقية بامتياز، لتولي الحقيبة، فتبصر بعدها الحكومة النور.

اما الخط الثاني، فإقليمي، حيث تنشط باريس على خطي موسكو وطهران، دافعة نحو تدخّلهما لدى حزب الله وحركة امل، لتليين مواقفهما وخفض سقوفهما، والسير بالمداورة وبحكومة اختصاصيين التزاما بما تعهدا به في قصر الصنوبر منذ نحو شهر. ويذكر هنا ان وزير خارجية ايران سيزور موسكو الخميس، وسيكون الملف اللبناني حاضرا في مباحثاته مع مضيفيه حتما.

المصادر توضح ان السيناريو الاول، اي تسمية شيعي توافقي للمالية، سيحمل – وإن في صورة غير نافرة – انكسارا لفريق الرئيس المكلف مصطفى اديب وعرابيه رؤساء الحكومات السابقين.. فهل سيقبلون بهذا الواقع الذي حتى الساعة يرفضونه؟ وهل سيتراجع سعد الحريري تحت وطأة الاوضاع اللبنانية الداخلية القاتلة، ويلعب من جديد دور “أم الصبي” الذي برع فيه منذ دخوله المعترك السياسي عام 2005؟

اما الحل الثاني، وهو ان تفعل الضغوط الدولية فعلها لدى الثنائي، فيعود الى قواعد التشكيل الاساسية التي كان وافق عليها، بنفسه، وفحواها “تشكيل حكومة مهمة مختلفة شكلا ومضمونا عن كل الحكومات السابقة”، هذا المخرج سيكون الاربح للبنان، وسيُعتبر تنازلا من قبل الحزب والحركة – صحيح – لكنه سيكون موضع تقدير من قبل اطراف الداخل كلّهم، ومحط ترحيب من الرأي العام المحلي والدولي، اذ سيؤشر الى وضع لبنان على سكة الخلاص من “جهنّم” المتجه اليها بسرعة، على حد تعبير رئيس الجمهورية امس.

الكباش الدائر اليوم بين فريق اديب من جهة، والثنائي من جهة ثانية، هو ما يعطّل ولادة الحكومة (اذا سلّمنا جدلا ان المالية هي العقدة الوحيدة)، وسنبقى في عنق الزجاجة هذا حتى ينزل احدهما عن شجرة مطالبه، او حتى موعد الانتخابات الاميركية، او قد نخرج منه سريعا، تحت وطأة حدث امني كبير، يشبه 7 ايار او 4 آب.. مَن يدري؟! تختم المصادر.