كتب جوزف طوق في “الجمهورية”:
وصل على وجه السرعة أمس ومن دون موعد مسبق، رئيس جمهورية جهنّم الشقيقة إلى القصر الجمهوري في بعبدا، يرافقه بعلزبول وإبليس ولوسيفر ووفد رفيع من كبار الشياطين والمستشارين. وكان على أجندة الوفد العديد من النقاط، أبرزها بحث العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وفتح سفارات في العاصمتين، وتسهيل منح تأشيرات السفر للراغبين بالسياحة أو العمل أو حتى الهجرة الأبدية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات على صعيد التعذيب والإذلال والتخريب والتجويع والإحباط وإشعال النيران والنزاعات على أنواعها لأطول فترة ممكنة.
لكنّ الوفد لم يتمكّن من مقابلة الرئيس أو أي مسؤول في القصر، بسبب تخطّيه الأصول الديبلوماسية والأعراف الرسمية المعتمدة. إلّا أنّ عزرائيل أظهر بعض ملامح الحزن من دون أن يغضب، لأنه رأى أن غضبه في المرحلة الحالية لن يكون أكثر من دغدغة للبنان واللبنانيين.
وبسبب إصراره على إنجاح مهمّته، اكتفى بإلقاء كلمة رسمية مختصرة من أمام القصر الجمهوري، كشف فيها أنّ جهنّم كانت تفكّر جديّاً خلال المرحلة الأخيرة بفتح فرع رسمي لها في لبنان، وأنّ الدوائر المختصّة هناك كانت قد أكملت دراساتها وإحصاءاتها، وقد توصّلت إلى أنه من الأوفر فتح فرع في لبنان على تحمّل تكاليف الصيانة والتشغيل التي تستهلك عدداً كبيراً من اليد العاملة الشيطانية ومواد التشعيل والمصاريف الكبيرة.
وشرح عزرائيل أنّ خبرة السياسيين اللبنانيين على مدى عشرات السنوات في تخريب هذا البلد الذي كان جنّة على الأرض، كانت من أبرز العوامل التي شجّعته على المضي في هذه المبادرة، خصوصاً لما يمكن أن يكتسبه شعبه الشيطاني من خبرات على كافة المستويات، فيفسح لهم المجال أن ينهلوا من العقل السياسي والحزبي اللبناني، فتُتاح أمامهم فرصة الاستفادة من هذا البلد الذي يُعتبر بالنسبة لأهالي جهنّم «هارفرد الرذيلة» لأولادهم الذين يستعدّون للدخول إلى معترك العمل الشيطاني.
وتوسّل عزرائيل، في كلمته، المسؤولين ألّا يُرسلوا اللبنانيين إلى الجحيم، لأنّ التعذيب هناك سيكون بمثابة جلسات تدليك بالنسبة لهم، على كثرة ما عاشوه واختبروه وتحمّلوه طوال حياتهم، كاشفاً أن جهنّم بحدّ ذاتها، لا تعدّ أكثر من دار حضانة مقارنة بالمستويات الخيالية التي وصل فيها التعذيب والإذلال في لبنان. ولم يخفِ عزرائيل أنه من خلال هذه المبادرة، يمكن الاستفادة من أعمال كثيرين من رجال الدين المسلمين والمسيحيين، الذين لا يقصّرون أبداً في تشوية صورة الله وتدمير روحية الأديان السماوية ومحتوى الإنجيل والقرآن. وأبدى رغبته في توظيفهم لإدارة ورشات عمل يدربّون فيها الشياطين على الامتثال بنشاطاتهم ومسيراتهم المشرّفة بالنسبة لأيّ شيطان مبتدئ.
وكان التأثّر واضحاً على وجه عزرائيل أثناء تلاوته كلمته، خصوصاً عندما أبدى دهشته من نشاط الطبقة السياسية اللبنانية التي تعمل منذ أكثر من 30 سنة متواصلة بأعلى مستويات الشرّ والتخريب، وشرح انه حتى في جهنّم، تعمل الشياطين في نوبات ومن ثم تستريح قبل أن تستأنف عملها من جديد. وكان بادياً على ملامح عزرائيل رغبته القاتلة في معرفة السرّ الذي يحرّك هؤلاء السياسيين للعمل بوحشية وقلّة ضمير واستهتار وفساد بلا انقطاع طوال هذه المدّة. فحتى في جهنّم تتعب الشياطين من الشرّ، وفي لبنان يعملون بلا كلل أو ملل.
وفي ختام كلمته، أوضح عزرائيل أنّ جهنّم، وبعد آلاف السنوات من العمل الدؤوب، هي مجرّد مكان لعذاب الروح، ولكن الملفت في لبنان أنه في أقل من نصف قرن تحوّل من جنّة طبيعية وبشرية إلى مساحة جغرافية وتاريخية لعذاب الجسد والأمل والأخلاق والأحلام والطموحات والقدرات والثروات وجنى العمر وعرق الجبين، كاشفاً أنّ لبنان هو المكان الوحيد في الكون الذي تحسده جهنّم، وتتمنّى كل يوم أن تتشبّه به وتطمح الى أن ترقى في يوم من الأيام، وقبل يوم الدينونة، إلى مستوى توقعاته.
وقبل المغادرة إلى جهنّم، أخذ عزرائيل وحاشيته سيلفي أمام مرفأ بيروت حاملين في أيديهم أوراقاً من فئة الـ 1000 ليرة وأعلام الأحزاب اللبنانية وفاتورة سوبرماركت، وكتبوا عليها «جهنّم عدن».