IMLebanon

بلديات على طريق الإفلاس… “حتى اللمبة صار صعباً تغييرها”

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

تهدّد الأزمة المالية المستفحلة بانهيار السلطات المحلية في المدن والقرى والمتمثلة بالبلديات. مع ما لهذه السلطة من دور على الصعيد الأمني والإنمائي، والصحي في ظل جائحة كورونا. وإن كان أداء الكثير منها متواضعاً، غير أن إفلاسها يهدد بنسف ما تقدمه من خدمات مهما كانت بسيطة، كالإضاءة حتى. وعلى الرغم من إعلان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، في الرابع من أيلول الجاري عن توقيع مشروع مرسوم توزيع عائدات البلديات واتحاداتها من الصندوق البلدي المستقل عن العام 2018، غير أن البلديات لا تزال إلى اليوم تنتظر أن تحوّل إليها الأموال، بعدما فقدت قيمتها.

ويؤكد عضو بلدية كفرعبيدا، أرلات سركيس لـ”نداء الوطن”، أن البلدية لم تتبلغ بتحويل أموالها من الصندوق البلدي المستقل، عبر مصرف لبنان، “والمشكلة لا تكمن بتوقيع الوزير، لكن لا أموال لتحويلها”. وهو الموقف نفسه الذي ردده رؤساء بلديات آخرون.

في عرسال، تقارب نسبة جباية الرسوم البلدية الـ 3%، وفق رئيس البلدية باسل الحجيري. “فمعظم المؤسسات غير مرخصة بسبب الإهمال المزمن، كما مناطق أخرى في البقاع”. ونتيجة تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار، لا تقوم البلدية اليوم سوى بالأعمال التي تعتبرها ضرورية، كجمع النفايات وتأمين اللوازم الداخلية ودفع الرواتب. ووفق الحجيري تقوم البلدية بإجراء حساباتها كي تتمكن من الاستمرار بدفع الرواتب حتى آخر العام، لكن من المرجح ألا تتمكن من دفع رواتب الشهر الأخير منه. حتى أنها قد لا تتمكن من الاستمرار في جمع النفايات، وقد تلجأ لتحصيل رسم اشتراك من السكان لقاء القيام بهذه المهمة، فيما ستتوقف خدماتها الأخرى، كصيانة الطرقات ونقل المرضى، واستئجار المباني وتشغيل مستوصف.

وينبه الحجيري من خطورة تدمير البلديات التي تقوم بدور مهم، بينما تعمل الوزارات على خطوط عريضة، “فتعطيل البلديات سيؤدي إلى انتهاء الدولة. وقد تتزايد السرقات في ظل غياب الكادر البشري في البلدية، السيناريو مرعب”.

وعلى الرغم من أن حال بلدية زحلة المعلقة أفضل من عرسال، غير أنها محكومة هي أيضاً بالأزمة، كما كل البلديات. ويشكو رئيس بلديتها، أسعد زغيب، لـ”نداء الوطن” رفض المقاولين الالتزام بأي مشروع بالليرة اللبنانية، “فبين تاريخ إطلاق المناقصة والبدء بالأعمال ثلاثة أشهر يكون قد تغير خلالها سعر صرف الدولار، حتى اللمبة صار من الصعب تغييرها”.

ويتوقع زغيب أن تتراجع نسبة جباية الرسوم البلدية، “اليوم تبلغ 55% نسبة الذين يدفعون الرسوم، مقابل 45% لا يدفعون، ومن المرجح أن ترتفع نسبة هؤلاء إلى ما بين 55 و60 في المئة. كما تشهد زحلة مغادرة عدد من السكان الذين يسكنون في شقق يرتفع رسمها التأجيري”. في المقابل، يحاول بعض المخالفين الاستفادة من فرق سعر الصرف لتسوية مخالفاتهم، باعتبار الكلفة بالليرة باتت منخفضة مقابل الدولار، الأمر الذي يحد من تأثير تراجع الجباية، غير أنه لن يحد من تأثر كل الأعمال البلدية.

وبالعودة إلى بلدية كفرعبيدا، فرغم الارتياح الذي تبديه سركيس، لجهة توفر المال في صندوقها، غير أنها تتخوف من تبعات الأزمة على البلدية. “فلا مردود مالياً للبلدية، لا مشاريع تجارية فيها، والمطاعم أقفلت ولا قيمة تأجيرية لدعم صندوق البلدية”. رغم هذا الواقع تؤكد سركيس قدرة البلدية على الاستمرار بأعمال الصيانة حالياً، بسبب جهود رئيس البلدية، لكنها وفي إطار التخفيف من الأعباء المالية، تطلب من السكان تخفيف النفايات. وتلوم سركيس وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي على عدم تعاونه مع البلدية وتسهيل أمور المواطنين في البلدة.

وتؤكد البلديات الثلاث أن الأزمة المالية ستصعب عليها مهمة مواجهة وباء كورونا. ففي عرسال طلبت البلدية من الفريق الطبي المكلف متابعة انتشار وباء “كورونا” الحد من تنقلاته، بعد أن اضطرت البلدية لشراء مادة البنزين من السوق السوداء، وفق الحجيري. ما يؤكد أن الفريق الطبي قد يتوقف عن العمل إن لم تتمكن البلدية من الاستمرار بتأمين كلفة المعدات التي يستخدمونها. كذلك يؤكد زغيب وسركيس أن “كورونا” تضيف عبئاً مالياً كبيراً على البلديات وتصعّب مهامها.