كتب رضا صوايا في صحيفة “الأخبار”:
وسط الدمار الذي خلّفه انفجار المرفأ، بعثت كلبة الإنقاذ التشيلية، «فلاش»، في قلوب اللبنانيين أملاً استمر ساعات بوجود حياة تحت الركام. لكن «فلاش»، المدرّبة على أعمال الإنقاذ، ليست فريدة من نوعها. في بيروت، كلاب وحيوانات أليفة كثيرة كانت تعطي نكهةً لحياة أصحابها، وكانت لتقوم بما قامت به الكلبة التشيلية، ولو من دون تدريب، بحثاً عن العائلات التي احتضنتها. مئات من هذه الحيوانات طُمرت تحت الركام، ومئات أخرى لا تزال تجوب الشوارع المدمّرة بحثاً عن غذاء ومأوى.
يصعب تحديد عدد الحيوانات الأليفة التي قضت في انفجار المرفأ أو فُقدت بعده، بحسب سفين فاخوري، مسؤولة العلاقات العامة في «جمعية بيروت للمعاملة الأخلاقية للحيوانات» (BETA)، «لكنها بالتأكيد تقدّر بالمئات»، مشيرة إلى أن العيادات البيطرية استقبلت، بعد الانفجار، أكثر من 100 حيوان أليف لتلقّي العلاج بسبب إصابتها بجروح مختلفة. منذ اليوم الأول بعد الانفجار، «أرسلت الجمعية فرقاً للبحث عن الحيوانات التي شُرّدت من البيوت المدمّرة، وعثرنا على أعداد كبيرة، ونحاول إعادتها الى أصحابها. أما من استشهد من هؤلاء، فنسعى مع عائلاتهم وأقربائهم إلى اقتناء حيواناتهم ورعايتها». فاخوري أكدت أن «المشكلة أساساً كبيرة، لأنه منذ ما قبل الانفجار، لا وجود لخطة رسمية من أجل معالجة وضع الحيوانات المشردة، رغم مناشداتنا المستمرة، منذ عام 2006، للبلديات ووزارة الزراعة التحرك للاضطلاع بدورها الذي تنصّ عليه القوانين في هذا المجال. من جهتنا، كجمعية، بلغت قدرتنا الاستيعابية ذروتها، إذ كنا، قبل الانفجار، نهتمّ أساساً بأكثر من 1000 حيوان، وبعض الحيوانات التي وجدناها اضطررنا إلى أخذها إلى منازلنا ريثما نجد حلاً لها أو نعثر على من قد يرغب في تبنّيها»، لافتة الى أن «الكثير من الحيوانات التي لا تزال على قيد الحياة مهددة بالموت جوعاً لأنها، على عكس حيوانات الشارع، لا تجيد تأمين قوتها ومعتادة على الحصول على حاجاتها الغذائية من أصحابها من دون عناء». وأشارت الى أنه «بلغنا أن من جملة المساعدات التي أرسلت إلى لبنان، هناك قسماً مخصصاً للحيوانات الأليفة، إلا أننا كجمعية لم نتسلّم أياً منها ولم يتواصل معنا أحد في هذا الشأن».
مأساة حيوانات اللبنانيين من مأساتهم، وهي بدأت قبل الانفجار المشؤوم بأشهر، مع تردّي الأوضاع الاقتصادية التي دفعت بكثيرين إلى التخلّي قسراً عن حيواناتهم لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف العناية بها. إذ إن «كيس الأكل الكبير للكلاب من ماركة Royal Canin ارتفع سعره من 140 ألف ليرة إلى حوالى 600 ألف ليرة، أي ما يوازي الحد الأدنى للأجور. أما الطعم الذي كان يكلّف مع أجرة يد الطبيب حوالى 50 ألف ليرة فأصبح يكلف الضعف، والمخدر قفز سعره من 20 ألف ليرة إلى 100 ألف، ما يعني أن أبسط عملية أصبحت تكلف مبلغاً طائلاً»، بحسب الطبيب البيطري جهاد درويش.
أضف الى ذلك «صعوبة استيراد بعض المعدات الطبية وخصوصاً الكبيرة منها الضرورية لإجراء فحوصات الأشعة والموجات فوق الصوتية، والتي يؤثر فقدانها سلباً على قدرتنا على تشخيض المرض بشكل جيد»، محذّراً من أن «أغذية الحيوانات الرخيصة المتوافرة في السوق تفتقر إلى الجودة، ما ينعكس سوءاً في التغذية وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية لدى الحيوانات كأمراض الجلد والكبد والكلى. وبالتالي، ما يوفره أصحاب الحيوانات غذائياً، قد يضطرّون إلى دفع أكثر منه لعلاجها».