كتب بيير غانم في “العربية”:
تلوّح الولايات المتحدة بمزيد من العقوبات على حزب الله واللبنانيين الذين يساعدونه على تمدد نفوذه أو يساعدونه في تمويل نشاطاته.
وتؤكد مصادر الحكومة الأميركية أن لديها “رسالة واضحة وهي أن واشنطن ستلاحق اللاعبين السيئين وكل من يدعم حزب الله بمن فيهم الأشخاص الذين يقدمون دعماً سياسياً”.
ملاحقة حزب الله
هناك أهمية خاصة لهذه الإيضاحات، فقد تعمّدت الحكومة الأميركية ولسنوات طويلة ملاحقة شبكة حزب الله في لبنان وخارج لبنان، واستهدفت الشبكات المالية التابعة له، على أمل أن ينقطع التمويل التابع لإيران، لذلك شهدنا، خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة، تصعيداً للملاحقات في إفريقيا وجنوب أميركا، كما شهدنا مساعي أميركية متلاحقة لإقناع الدول في جنوب أميركا وفي أوروبا، بوضع حزب الله على لائحة التنظيمات الإرهابية.
ونجحت الولايات المتحدة إلى حدّ ما في احتواء هذه الشبكات الواسعة والقديمة، لكنها انتقلت منذ سنتين، إلى التلويح بفرض عقوبات على لبنانيين من خارج منظومة حزب الله، ولم تفعل. تأخّرت إلى أوائل هذا الشهر لاتخاذ خطوة ملموسة في هذا الاتجاه، عندما كشفت الحكومة الأميركية أن وزير المالية السابق علي حسن خليل، وهو عضو في حركة أمل، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، وهو من كتلة سليمان فرنجيه، قاما باستغلال أموال الميزانية العامة للدولة اللبنانية، وسهّلا التمويل المباشر لحزب الله وفرضت عليهما عقوبات.
الدعم المادي
الأسبوع الماضي، عادت الحكومة الأميركية إلى فرض عقوبات على شركات وأشخاص تابعين لحزب الله، فيما انتشرت في لبنان الشائعات عن لائحات طويلة من الشخصيات اللبنانية التي “سيفرض عليها الأميركيون العقوبات”.
مصادر الحكومة الأميركية ترفض الإفصاح عن أي تفصيل في هذا السياق ويعتبر الموظفون العاملون في وزارتي الخزانة والخارجية، أن مسألة فرض العقوبات لها وجه تقني بحت، وتستهلك وقتاً طويلاً للتثبت من الحقائق، ومن الدعم المالي الذي تقدّمه شخصيات أو مؤسسات لحزب الله.
عقوبات “سياسية“
الأهم أن الحكومة الأميركية لا تريد الالتزام بالقول إن العقوبات ستفرض فقط على من يقدّم تمويلاً، ومن يعطي دعماً مادياً لحزب الله، بل تترك الأمر مفتوحاً أمام الخيارات، وهي كثيرة، مثل تطبيق عقوبات وفقاً لقانون ماجنتسكي، وهو يتعلّق بخرق حقوق الإنسان، كما لديها خيار فرض عقوبات بقرار سياسي أو بأمر تنفيذي.
يريد الأميركيون بدون شك إيصال رسالة بحسب مصادر الحكومة الأميركية، ويقولون للبنانيين إن الوضع لن يستمرّ على ما كان عليه، وإن الولايات المتحدة جدية في تعاطيها مع الشأن اللبناني، وجدية في مكافحة نفوذ حزب الله، وإن كل شخص أو طرف يقدّم مساعدة لحزب الله، بصرف النظر عن طبيعة ونوعية هذه المساعدة، سيكون عرضة للعقوبات.
ضغط مستمر
تقول مصادر الحكومة الأميركية إن الضغوطات ستستمر، وإن الحكومة الأميركية تريد إصلاحات في لبنان وإن الحكومة المقبلة عليها أن تركّز اهتمامها على هذه الإصلاحات، وإن المطلوب “هو التزام بالإصلاحات وتطبيق هذه الإصلاحات وليس فقط الكلام بل خطوات ملموسة”، كما ذكر مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر أكثر من مرة.
اللافت أيضاً في رسائل الحكومة الأميركية أنها تنظر الآن إلى حزب الله، ليس فقط كتنظيم إرهابي، وهي صنّفته منذ أكثر من عشرين عاماً، بل باتت تنظر إلى حزب الله على أنه مشكلة تمنع الدولة اللبنانية من التقدّم، وتريد واشنطن التأكيد على أن حزب الله يمنع الإصلاح، وكل من يدعم حزب الله هو جزء من المشكلة، فيما تريد الحكومة الأميركية القول للبنانيين إنها تقف إلى جانبهم.