بلغت السخونة في الأيام الماضية حدّها الأقصى بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، وزادت الاتّهامات المتبادلة بينهما على خلفية حادثة ميرنا شالوحي التي كادت ان تُعيد الامور بينهما الى ما قبل الصفر لولا بلوغ الاتصالات اعلى المستويات من اجل وضع حدّ لما حصل.
وفي ظلّ توقّعات باستمرار التصعيد المتبادل في المرحلة المقبلة على خلفية حادثة ميرنا شالوحي التي انتهت بشكويين مقدّمتين من “القوات” و”التيار” أحدهما ضدّ الآخر ولو ان رئيس القوات سمير جعجع وضعها في اطار “الحادث بين الاخ واخيه”، مؤكداً اننا سنفعل كل ما باستطاعتنا لنمنع تكراره”، غير ان الازمات المتلاحقة في لبنان وما تستجرّه من خطر على الوجود المسيحي فيه تحديداً قد تجعل من حادثة ميرنا شالوحي من الماضي لتُفتح بعدها صفحة مسيحية جديدة عنوانها ترتيب البيت الداخلي بالركون الى القواسم المشتركة من اجل منع سقوط لبنان الدولة والكيان الذي كان للمسيحيين عبر التاريخ الدور الكبير في إرسائه.
وقد تنطلق ورشة ترتيب البيت المسيحي الداخلي من المواقف المتقاربة بين التيار والقوات لجهة التمسّك بالدستور في عملية تأليف الحكومة وإعتماد مبدأ المداورة في توزيع الحقائب وعدم تكريس حقيبة لطائفة دون اخرى، وهي المواقف التي “تمايز” عنها التيار الوطني الحر على لسان رئيسه النائب جبران باسيل عن حليفه التقليدي حزب الله، اضف اليها دعم نداء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اعلان حياد لبنان الناشط وإبعاده عن صراعات المنطقة.
ويبدو ان البطريرك الراعي وجد في هذه المواقف “أرضاً خصبة” لتقريب المسافات بين التيار والقوات كمقدّمة لتوحيد الساحة الداخلية عامةً والمسيحية خاصة من اجل مواجهة الخطر الوجودي الذي يُهدد لبنان بصوت واحد ولمنع سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع.
وفي الاطار، اوضح عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشا الذي كان في عداد الوفد القواتي الذي زار الراعي امس في الديمان لـ”المركزية” “ان البطريرك غمز من قناة “ترتيب البيت المسيحي” من خلال تمنّيه خلال لقائنا ان يكون المسيحيون على موقف واحد لمواجهة التطورات الاتية على البلد”.
وقال: “اوضحنا للراعي ان لا يمكن توحيد المواقف المسيحية الا تحت سقف اعلان بكركي حياد لبنان، ومن هذا المنطلق نحن مستعدون لاي تلاقٍ وحوار مع معظم القوى السياسية التي تؤمن بحياد لبنان”.
واضاف: “قلنا للراعي “نحن حال واحد” مع من يؤمن بحياد لبنان، لذلك لا يمكن الحوار مع اي طرف اخر الا تحت سقف نداء الحياد”.
واثنى قاطيشا على مواقف الراعي التي ذهب فيها بعيداً لجهة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، فلا “بحبوحة” ولا امن واستقرار الا بسلوك نهج الحياد”.
على ضفّة التيار، اوضح عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ادي معلوف لـ”المركزية” “اننا لن نرفض دعوة البطريرك الراعي الى عقد لقاء مسيحي، مع انه جرى التوافق على مسائل كثيرة في لقاءات سابقة الا انها لم تُحترم”.
واذ رفض لغة الشتائم والتهجّم على المقامات”، لفت الى “ان لا نيّة لدينا بتوتير الساحة الداخلية وتحديداً المسيحية، لان البلد الغارق بازمات اقتصادية ومالية بغنى عن تشنّجات سياسية ومذهبية”.
وتحدّث عن قرار داخل التيار الوطني الحر بعدم الردّ على الاستفزازات والشتائم والسجالات، لان همّنا يركز على كيفية ايجاد الحلول للازمات التي تعصف بالبلد”.
واشار معلوف الى “ان البلد يحتاج الى تضافر جهود الجميع من اجل معالجة المشاكل التي لا تُفرّق بين لبناني واخر. الازمات المعيشية كثيرة، والبلد بغنى عن اي توتر من اي جهة سياسية اتى”.