Site icon IMLebanon

أين مصلحة “الثنائي” في إطلاق النار على مبادرة ماكرون؟

كما في زمن التسوية الرئاسية، كذلك في المبادرة الحكومية الفرنسية.  بادر زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري حيث تخاذل كثيرون، فمد مسار تشكيل الحكومة بجرعة من تنازلاته التي صارت معهودة  في الحياة السياسية، مع العلم أنه متيقن من أنها سترتب عليه جملة من الخسائر الشعبية، شبيهة بتلك التي تكبدها يوم أبرم الاتفاق الرئاسي مع العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

بمبادرة منه، وافق الحريري على إعطاء حقيبة المال للشيعة في الحكومة العتيدة، على ألا تعتبر هذه الخطوة عرفًا. في المقابل سارع رؤساء الحكومات السابقون إلى إطلاق موقف متشدد في مواجهة الثنائي الشيعي، في خطوة تفسرها أوساط سياسية عبر “المركزية”  على أنها محاولة لقطع الطريق على البحث عن أي تنازلات سياسية جديدة قد تبادر الرباعية السنية إليها في مواجهة التشدد الشيعي المستمر.

وفي السياق، تفيد ألاوساط بأن بعض الدبلوماسيين الغربيين لا  تخفون إستغرابهم إزاء ما يعتبرونه “تذاكي الثنائي الشيعي” في تفسير خطوة الحريري، كما المبادرة الفرنسية. وتشير إلى أن متفائلين كثيرين توقعوا أن تسهل مبادرة الرئيس الحريري مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب. غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن. ذلك أن الثنائية الشيعية لم تتأخر في زرع لغم جديد على طريق الحكومة، حيث أنها أصرت على أن تعود إليها تسمية وزير المال العتيد، كما جميع الوزراء الشيعة، مع العلم  أن الحريري كان واضحا في قوله إن هذه المهمة من صلاحيات الرئيس المكلف دون سواه.

وفي الاطار عينه، تلفت الاوساط إلى أن كل ما سجل من أحداث حكومية حتى اللحظة يفيد بان “حزب الله” و”حركة أمل” يحاربان الرباعية السنية… بسلاحها، فالثنائي الشيعي أطلق وابلا من الاتهامات في اتجاه رؤساء الحكومات السابقين، على اعتبار أنهم يشكلون الحكومة الجديدة بالنيابة عن الرئيس المكلف. وها هو اليوم يفرض شروطه الخاصة على أديب، ويجتهد في تفسير المبادرة الفرنسية، من حيث الايحاء بأنها لا تنص على تأليف حكومة مصغرة من الاختصاصيين المستقلين تماما عن القوى السياسية.

وتذكر المصادر بأن على عكس الأجواء التي يحاول أركان “8 آذار” ضخها في الفضاء السياسي، فإن الرئيس الفرنسي كان واضحا في دعوته إلى تأليف حكومة من اختصاصيين مستقلين مهمتها وضع قطار الاصلاحات على السكة، لينال لبنان المساعدات الموعودة، وهو ما نقضه رئيس تيار “المردة” مساء الخميس بقوله “إن الأقطاب السياسيين اتفقوا مع ماكرون على حكومة فاعلة”، مبديا “مساندته للثنائي في شأن تسمية شيعي على رأس وزارة المال”.

أمام هذه المعطيات المتشابكة، تتساءل المصادر عن مصلحة الثنائية الشيعية في إطلاق الرصاص السياسي والحكومي في اتجاه المبادرة الفرنسية، مع العلم أنها النافذة الوحيدة للحزب على المجتمع الدولي في زمن العقوبات القاسية، مرجحة أن تحمل الانتخابات الرئاسية الأميركية جوابا عن هذا التساؤل.