دلت التطورات السياسية والامنية التي حصلت في الايام القليلة الماضية الى مدى ارتباط الازمة اللبنانية بالمحاور الاقليمية والدولية وانسحاب مجرياتها على الداخل اللبناني الذي بات ساحة مفتوحة لكل هذا الكباش السياسي الجاري سواء بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة او بين تركيا وفرنسا من جهة ثانية او بين طهران واذرعها والمملكة العربية السعودية من جهة ثالثة، الامر الذي حال في رأي اوساط سياسية مراقبة دون تشكيل حكومة جديدة على رغم ادراك الجميع في لبنان خطورة الاوضاع المالية والمعيشية والامنية التي يفاقمها مثل هذا الفشل في ترك الامور على غاربها ومن دون معالجة واصلاح في البنيتين المالية والادارية للدولة.
لكن اللافت في هذا المجال كان اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عدم تخليه عن مساعدة لبنان في انتاج “حكومة مهمة” حاول الدفع اليها برئاسة السفير مصطفى اديب وحالت القوى المحلية الممسكة بزمام الامور دون وصوله الى مبتغاه في ايجاد صيغة وزارية من اختصاصين توقف النزف الحاصل في البلاد وتاليا التدحرج نحو الانهيار التام، مجددا (ماكرون) الدعوة الفرنسية للبنان الى ضرورة تشكيل الحكومة خلال الاسابيع الاربعة اوالستة المقبلة ومنطلقا الى ذلك على ما تتابع الاوساط من الاتصالات التي اجراها مع الدول المؤثرة في لبنان وممهدا بذلك لاعادة تشكيل “حكومة المهمة” التي كان حدد مواصفاتها وبرنامج عملها والتي سارع الرئيس نجيب ميقاتي بالدعوة اليها “تكنو سياسية” من 20 وزيرا ملاقيا بذلك الفريق الاخر الممثل برئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري في شكل الحكومة المقبلة.
وتوضح الاوساط ان ماكرون الذي خبر جيدا من خلال متابعته الدقيقة لتركيبة الوضع في لبنان، ما كان يعود مجددا ليرهن سمعة بلاده واسمه في متابعة مسعاه الانقاذي للبنان لو لم يتأكد اين مكمن العلة وسبل حلها، ومن هنا كان مسعاه بحلحلة العقد الخارجية من امام التشكيل الحكومي سيما وان الانشغالات الاميركية في الشهرين المقبلين بالانتخابات الرئاسية قد تساعده في ذلك، مع عدم الاسقاط من الحسبان التهديد الذي وجهه ماكرون الى حزب الله وعدم السكوت مستقبلا عن دوره وممارساته في تعطيل الدولة ومؤسساتها وقيامها بدورها في لبنان وتمسكه منذ البدء بصيغة التكنو سياسية والعشرين وزيرا بينهم 6 من السياسيين والباقي من الاختصاصيين التي لطالما نادى بها الرئيس بري وحظيت بقبول الرئيس عون وغالبية القوى السياسية الاخرى.