عالمياً، ونسبةً إلى تعداد السكان، يخطو لبنان شيئاً فشيئاً نحو تصدّر لائحة الدول التي تُسجّل إصابات يومية جديدة بفيروس كورونا، فيما يحتل حالياً المرتبة السبعين في عدد الإصابات الإجمالي بالوباء. فعلى سبيل المثال، أعلنت وزارة الصحة، أمس، تسجيل 1018 إصابة (بينها وافد واحد فقط) فيما سجّلت ألمانيا التي تضم نحو 84 مليون نسمة وتحتل المرتبة الـ 22 عالمياً في عدد الإصابات، 1448 إصابة، وهو معدل يقارب ذلك الذي سجلته إيطاليا (المرتبة الـ 19 وتضم 60 مليون نسمة) وتركيا (المرتبة الـ 18 وتضم 85 مليون نسمة). كما أعلنت وزارة الصحة تسجيل 4 وفيات جديدة، ما رفع إجمالي الوفيات من جراء الفيروس إلى 351. وبين المتوفين شابة في الـ 25 من العمر لم تكن تعاني من أي أمراض مزمنة بحسب ما أكد مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس الأبيض في تغريدة له على «تويتر». ومن المؤشرات الشديدة الخطورة التي سُجِّلت امس، أن نسبة الحالات الإيجابية بلغت نحو 21 في المئة من إجمالي المقيمين الذين خضعوا للفحوصات (1017 حالة إيجابية من أصل 4847 مقيماً خضعوا للفحص).
هذا المسار التصاعدي للوباء في لبنان بات يُشكّل ضغطاً لاتخاذ خطوات جدّية لفرملته قبل تفاقم الوضع الصحي، مع تجاوز نسبة إشغال الأسرة المخصصة لكورونا الـ60% بحسب أرقام غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث، عشية حلول موسم الإنفلونزا الذي يزيد الضغط على أجهزة التنفس وأسرّة المُستشفيات.
وفي وقت لا يبدو فيه أنّ قرار الإقفال التام بات وارداً، يتعزز التوجه الجدي نحو عزل المناطق؛ إذ قرّرت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف وباء كورونا برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أمس، اعتماد معيار عدد الإصابات في المناطق نسبة إلى عدد السكان «لتحديد القرى والبلدات والأحياء الواجب إقفالها وعزلها لمدة 14 يوماً»، مع الإعلان عن تلك المناطق وفقاً للمنصّة الإلكترونية التي ستطلقها وحدة إدارة مخاطر الكوارث في رئاسة مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزارتي الصحة والداخلية، فيما ستُعطى المناطق التي ستخضع لقرار الإقفال والعزل مهلة يومين لتأمين حاجات قاطنيها.
ويأتي هذا الإجراء في وقت لم توفر فيه الإصابات اليومية أي منطقة، الأمر الذي فرض على البلديات والسلطات المحلية تحمّل المسؤوليات إزاء المقيمين في نطاقها كبديل من الخطط الوطنية.
والتقى وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، في هذا الصدد، أمس، وفداً طبياً برفقة عضو تكتل «الجمهورية القوية» فادي سعد، يضم الاختصاصي في الطب الداخلي مارون حايك، أطلعه على دراسة وضعها الأخير أثبت فيها فعالية دواء Xeljanz الذي يُستخدم عادة لمعالجة مرضى الروماتيزم، في خفض الوفيات بفيروس كورونا بنسبة خمسين في المئة، وتقليص مرضى العناية الفائقة بالنسبة نفسها. وأكد سعد أن شركة Pfizer المنتجة للدواء أبدت استعدادها لتقديم كمية منه للبنان كهبة كاملة أو جزئية، لافتاً إلى أن حسن أبدى تجاوباً مع الطرح.
في هذا الوقت، يزداد هاجس تأثير الأزمة الاقتصادية على القطاع الصحي. ومع التخوّف من ارتفاع أسعار الأدوية مع الحديث عن توقف دعم الاستيراد من قبل مصرف لبنان، فإنّ هذا التخوف يشمل حكماً المُستلزمات والأجهزة الطبية التي تستخدمها المُستشفيات، وبالتالي تكبيد المريض ارتفاع أسعارها الجنوني، فيما تتردد معلومات عن وجود توجه لدى بعض المُستشفيات الخاصة إلى تسعير فواتيرها الاستشفائية بالدولار على أساس 4000 ليرة، بدءاً من مطلع تشرين الأول المقبل.
رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن تعرفة الإقامة في غرف الاستشفاء والفحوصات المخبرية والأشعة وغيرها «لم تتغير، وما زلنا نسلم الفواتير للجهة الضامنة وفق التسعيرات المحددة بالليرة اللبنانية»، لافتاً إلى أن الكلفة المتغيرة تتعلق بالأجهزة الطبية والمعدّات التي يحتاج إليها المريض (راصور وأطراف اصطناعية وغيرها) المُسعّرة بالدولار. وأوضح أن استيراد هذه التجهيزات «مدعوم من قبل مصرف لبنان بنسبة 85%، وتبقى نسبة الـ15% وفق سعر السوق، والكلفة الإضافية التي يتكبّدها المريض هي فارق سعر دولار السوق».
من جهتها، أوضحت مصادر شركات التأمين، في اتصال مع «الأخبار»، أنها لم تتخذ قراراً في هذا الصدد بعد، فيما نفت مصادر صندوق الضمان الاجتماعي أن تكون قد تبلغت قراراً كهذا من أي من المستشفيات، علماً بأن المعلومات تفيد بأن الفارق بين السعر الرسمي الذي يعتمده الضمان (1515 ليرة للدولار) وتسعير الدولار بـ 4000 ليرة، في حال اعتماده، ستحمّله المستشفيات للمرضى وليس للجهات الضامنة.