أُقفلت كل الأبواب وكل الآمال أُحبطت في لبنان بُعَيد اعتذار رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب وإطلالة عراب المبادرة الفرنسية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وتسمية المعرقلين بالاسم من دون طرح حلول بديلة، مع إمهال السلطة السياسية 6 أسابيع لإعادة السير بالمبادرة، وحينئذ يكون موسم الانتخابات الأميركية قد حان، فيتبين الخيط الأبيض من الأسود، وعلى أساس ذلك يتحدد مصير لبنان.
وكشفت مصادر سياسية متابعة مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ان “الذي حصل مع اديب وضع اطرا جديدة لمقاربة الملف الحكومي، وسيرى رئيس الجمهورية ميشال عون كيف ستكون الخطوة التالية وفق الالية الدستورية”، لافتة الى انه “لا دعوة لاستشارات نيابية ملزمة خلال الأيام المقبلة”.
وأشارت المصادر إلى ان “الرئيس بري منزعج من مواقف ماكرون، إذ حمّل الثنائي أكثر مما يجب”، متسائلة: “أليس ماكرون من قال ان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أخلّ بما اتفق عليه وبالتالي كيف يُلام من كان لديه ردة فعل على ما فُرض من الطرف الآخر؟”، مجددة تمسكها بـ”المبادرة الفرنسية”.
من جهتها، علّقت مصادر “بيت الوسط” على ما قاله ماكرون بشأن أن الحريري ورؤساء الحكومات السابقين وضعوا معايير طائفية للتكليف، بقولها إن “الحريري بالاتفاق مع رؤساء الحكومات السابقين قرّروا السير بالقواعد التي حددها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة والتي تتماشى مع مبدأ المداورة الذي وافق عليه رئيس الجمهورية والبطريركية المارونية ومعظم الكتل النيابية، وبالتالي فالمداورة أمر توافقت عليه معظم الاطراف الداخلية، ولكن وعندما اصطدم هذا الموقف باصرار الثنائي الشيعي على التسمية، أعلن أنه كان له شرف التنازل لمصلحة البلد”، مضيفة ان “ماكرون في كلمته الأخيرة اعترف بإيجابية هذا الامر، كما اعترفت الخارجية الفرنسية بخطوة الحريري ووصفتها بالشجاعة”.
في موازاة ذلك، توالت في لبنان، الردود على ما ورد في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الفرنسي، إذ أكد عون، امس، تمسّكه بمبادرة ماكرون فيما يخصّ الأزمة اللبنانية، منوهاً بالاهتمام الذي يبديه الرئيس الفرنسي حيال لبنان واللبنانيين.
وأسف عون، خلال استقباله امس في قصر بعبدا، سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه في زيارة وداعية بمناسبة انتهاء عمله الدبلوماسي في لبنان، “لعدم تمكن الرئيس اديب من تشكيل الحكومة الجديدة وفق مبادرة الرئيس الفرنسي، خصوصاً لجهة الإصلاحات التي يفترض أن تتحقق، سواء تلك التي تحتاج إلى قوانين يقرها مجلس النواب، أو تلك التي سوف تصدر عن الحكومة بعيد تشكيلها ونيلها الثقة”.
ورداً على ما قاله ماكرون عن “الثنائي الشيعي” انبرى المفتي الجعفري الشيعي أحمد قبلان إلى الدفاع عن “حزب الله” وحركة “أمل”، فاعتبر أن ما عرضه ماكرون “فيه ظلم سياسي فادح”، لافتاً إلى أنه “كان على المبادرة الفرنسية أن تُبدد قلق بعض المكونات اللبنانية، وليس الاعتماد على نزعة فريق أغرقت سياساته لبنان”.
لا اتصالات حكومية
في موازاة ذلك، أكّد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل، “ألا اتصالات أو مشاورات حاليًا على المستوى الداخلي في الشأن الحكومي”، لافتًا إلى أنّه لا شيء يمنع التشاور بين الرئيسين عون وبري”. وأضاف: “لا تعليق على ما ورد في مؤتمر الرئيس الفرنسي والمبادرة التي اتفق على تفاصيلها مكتوبة وموزعة ومعروف ما ورد فيها”.
وعلق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، امس، على تصريحات ماكرون حول لبنان، معتبراً أن “قضية لبنان داخلية ويجب حلها في لبنان”. وأضاف: “نحن ندعم أي حكومة، بما في ذلك فرنسا، يمكنها أن تفعل ذلك بحسن نية، لكننا نرسم خطاً فاصلاً بين التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ومساعدتها، نحن على اتصال مباشر ومستمر مع المجموعات اللبنانية المختلفة، ونأمل المساعدة في حل هذه المشكلة”.
الى ذلك، عبّر الاتحاد الأوروبي عن شعوره بخيبة الأمل والقلق بسبب اعتذار الرئيس أديب عن تشكيل الحكومة، وحضّ لبنان على تشكيل حكومة للحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان، امس، إنّ “التشكيل السريع للحكومة سيكون ضروريًا للتوصل إلى اتفاق مطلوب بشكل عاجل مع صندوق النقد الدولي”.