كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
إنتظر الناس خروج الدخان الابيض من “مدخنة” حكومة مصطفى أديب. علّقوا آمالاً صغيرة، علّها تنقذهم من غول الغلاء ووحش الدولار الاسود، إلّا أنهم أصيبوا بخيبة كبيرة ونكسة إقتصادية.
بمجرد تنحي أديب، إرتفع سعر صرف الدولار، إختفى الدجاج وارتفع سعر اللحم والخضار، وبات البيض يباع “بالحبّة” إن توفر. دخل البلد السيناريو الأسوأ في تاريخه، الكل يتقاذف المسؤولية، فيما المواطن يتجرّع كأس سم الأزمات على حد قول أحمد الشاب الذي قرأ فشل تشكيل الحكومة بكثير من الخوف.
وقال: “دخلنا في نفق خطير. نبحث عن البنزين فلا نجده، واذا توفّر فلا يمكن الحصول على كمية يتخطى سعرها الـ10 آلاف أو 20 ألفاً كحد أقصى”. يحمّل أحمد كبار التجار مسؤولية احتكارهم المادة لبيعها في السوق السوداء، لا يتردد بالقول: “إننا نخاف رفع الدعم لأنه في حينه ستتوقف السيارات، وينهار البلد أكثر”.
خابت آمال الناس بامكانية معالجة أزماتهم المعيشية، كانوا يعولون على تشكيل الحكومة لتصحيح القليل من التضخم الذي أغرقهم. ولكن ما كان متوقعاً حصل، “وقع الفاس بالراس”، سقطت الحكومة وسقطت كل الأحلام المعقودة على معالجة الأزمة المعيشية التي وصلت الى حد خطير.
كان من الصعب على أبو علي أن يتقبل فكرة “طار البلد”، سائق التاكسي الذي ركن سيارته جانباً، بعد إقفال معظم محطات المحروقات في المنطقة، جلس على شرفة صغيرة محاذية لإحدى المحطات في بلدة أنصار، يرشف كوب قهوته المرة، يراقب تطورات الاوضاع المستجدة ويردد “لوين بدنا نوصل”.
منذ زمن قاطع أبو علي الأحداث السياسية في لبنان. وفق الستيني، المواطن يتحمل المسؤولية لأنه سكت عن حقه، ولم يصرخ. لم يعد بحوزة ابو علي شيء يحثه على الصبر، يخشى رفع الدعم عن البنزين، حينها سيفقد آخر مورد رزق له، يخشى المواطن سيناريو رفع الدعم عن السلع. زادت مخاوفه بعد دخول البلد في نفق مظلم، جراء فشل تأليف حكومة الانقاذ.
في المقابل، لم يلمس المواطنون أي تحسن جراء دعم بعض السلع الغذائية، بحسب ما أشار اليه محمد الذي رمى بكيس الرز جانباً بعد معرفته أن سعره يوازي يوميته أي 25 ألفاً، ناهيك عن سيطرة الإحتكار وجشع التجار الذين، وفق محمد، يستغلون حاجة الناس ويفرضون السعر المناسب لربحهم، فيما وزارة الاقتصاد الغائب الحاضر وسط كل تلك المعمعة الحاصلة.
ولم يتمكن أحد من ضبط التلاعب بالدولار، فأرخت ازمة فشل تشكيل الحكومة بظلالها على المواطن، الأخير أحبط، فقد شعرة الخلاص الأخيرة، ماذا لو رفع الدعم عن المحروقات والدواء؟ هل ما زال قادراً على مواجهة التضخم الكبير في الأسعار؟ أي مصير ينتظر الناس العاطلة بمعظمها عن العمل، الواقعة تحت رحمة الغلاء وبين فكي كماشة الفساد والانهيار؟
لعل ما قاله الشاب يوسف العشريني يعبّر عن رأي الكثير من الشباب. اعتبر أنّه “علينا أن نتحمل مآل ما حصل، نحن جزء من هذا الإنهيار لأننا ارتضينا ذلنا ولم نصرخ”. يقر يوسف أنه بات “عاجزاً عن شراء حتى كرتونة بيض، ويضطر لشراء البيض بالحبة، فالظروف الراهنة سيئة للغاية”. إستغنى الأخير كما غيره عن الكثير من السلع التي اعتاد عليها، ولكن ما يخشاه هو رفع الدعم عن الدواء حينها “تسقط الكارثة وينتفض الناس، إلا صحة المواطن”.