Site icon IMLebanon

عندما تستغل أطراف الداخل عناية باريس بـ”لبنان الفرنكوفوني”!

كثيرًا ما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان في محطاته الخائبة المتكررة، ونادرًا ما بدا الاليزيه غاضبًا من حكام لبنان بالحد الذي أظهره الرئيس ايمانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي الأخير، غداة الاجهاز المتعمد على مبادرته الانقاذية، من جانب الثنائي “أمل- حزب الله” للأسباب السياسية المعروفة. على أن الأهم يكمن في أن الثنائي الشيعي لم يكن وحيدًا في دائرة القنص السياسي من جانب ماكرون. ذلك أن الأخير حرص على أن يظهر في موقع القارئ الموضوعي لمسار الأحداث السياسية منذ الأول من أيلول، فكان أن عاتب زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري لإضافته معيارا طائفيا إلى تشكيل الحكومات.

وفيما ردت “حركة أمل” والتيار “الوطني الحر” على الهجوم الفرنسي اللاذع، تبقى الأنظار متجهة إلى كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله مساء على اعتبار أنه قد يرسم إطار المرحلة المقبلة في ضوء غضب ماكرون.

لكن مصادر سياسية مراقبة أشارت عبر “المركزية” إلى أن الاعتراف للرئيس الفرنسي بأنه تجرأ حيث تخاذل كثيرون ووجه الاتهامات الواضحة إلى “حزب الله” بتعطيل مسار مبادرته، ليس العبرة الوحيدة الواجب استخلاصها من المؤتمر، بل إن هناك أيضا رسالة واضحة إلى الشعب اللبناني. فالرجل، كما تذكر المصادر، أعرب بالفم الملآن عما يخالج نفس اللبنانيين ، منذ 4 آب الماضي على الأقل. « Croyez-moi, j’ai honte pour vos dirigeants » قالها الرئيس الفرنسي، وحرص على أن يقرنها بتأكيد أن المساعدات الفرنسية مستمرة وهي ستصل إلى المنظمات غير الحكومية حصرا، ومجددا عهده بألا يترك اللبنانيين أو يتخلى عنهم، خصوصا في هذا التوقيت العصيب.

وفي تحليل لهذه الصورة، أكدت المصادر أنها لا تخلو من الرسائل العاطفية والوجدانية المرتبطة أولا بالعلاقة التاريخية بين البلدين، كما بكون لبنان عضوا مؤسسا في منظمة الدول الفرنكوفونية. إلا أن هذا لا ينفي أن وراء كل هذا بعدا سياسيا كبيرا، حيث أن ماكرون، الرئيس ذا الطموح السياسي الكبير حرص على تحميل الساسة اللبنانيين مسؤولية النكسة التي ضربت خطته، مبعدًا بذلك عن نفسه تهمة اطاحة هيبة فرنسا ودورها على الساحة الدولية. بدليل أنه أعاد ضخ الحياة في مبادرته ليؤكد أن بلاده لا تزال قادرة على تأكيد حضورها السياسي في لبنان، وهي ورقة يخاطر بها أطراف الداخل، في وقت قد يكون ماكرون يبحث عن فرصة لاستثمارها في السباق الرئاسي المنتظر بعد سنتين، مع العلم أن السترات الصفر المعارضة لسياسات ماكرون الداخلية تعود بين وقت وآخر إلى الشارع لتوجه إليه الطعنات الشعبية المحلية، بينما هو ماض في تصفية حساباته مع كل من واشنطن وأنقرة ودمشق وطهران انطلاقا من الحوض الشرقي للمتوسط.