كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
عادت قضية رفع السقوف المالية للمستشفيات الخاصة والحكومية في الشمال إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة من باب عدم إيفاء وزراء الصحة بوعودهم، وتحديداً الوزيران المحسوبان على “حزب الله” جميل جبق وحمد حسن.
فعندما زار وزير الصحة السابق جميل جبق عكار وقام بالعراضات من هناك ووعد إدارات المستشفيات الحكومية في الشمال برفع الأسقف المالية لها، فإن مستشفى حلبا الحكومي مثلًا، حصلت على وعد بجعل سقفها المالي 7 مليارات ليرة سنوياً بعدما طلب مديرها سقفاً مالياً هو 5 مليارات ليرة. إستحق جبق يومها الكثير من التصفيق والبيانات، فيما اعتبره أبناء المنطقة موقفاً متقدماً لوزير من “حزب الله” في منطقة محسوبة على تيار المستقبل لسنوات طويلة. لم يتحقق وعد الوزير بالـ7 مليارات ليرة. السقف المالي الحالي الآن للمستشفى الحكومي في حلبا – عكار هو 5 مليارات ليرة لبنانية، لمستشفى حكومي واحد فقط في محافظة تجمع 700 ألف نسمة ما عدا اللاجئين السوريين.
الجديد في الملف أن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء قبيل إعلان الحكومة استقالتها، مرّر قرار رفع الأسقف المالية للمستشفيات الخاصة المحسوبة على الجهة السياسية المحسوب عليها الوزير. واللافت في الأمر أن هذه المستشفيات حصلت على أعلى أسقف مالية قياساً مع المستشفيات الخاصة في باقي المناطق وبالأخص في مناطق الشمال. فعلى سبيل المثال، حصلت مستشفى الرسول الأعظم على سقف مالي سنوي بحدود 16 مليار ليرة، أي ما يزيد عن مليار ليرة في الشهر الواحد، ومستشفى السان جورج على سقف سنوي 2 مليار و 250 مليون ليرة، أي 187 مليون ليرة في الشهر الواحد. بينما حصلت مستشفى خاص في عكار كمستشفى خلف الحبتور مثلًا على 560 مليون ليرة كسقف سنوي، أي 46 مليون ليرة كسقف شهري للمستشفى، ومستشفى السلام في طرابلس على مليار و 725 مليوناً كسقف سنوي أي نحو 143 مليون ليرة في الشهر الواحد. وفيما تمتعض إدارات المستشفيات الخاصة في عكار والشمال، من إجراء الوزير الذي تعاطى مع ملفهم بشكل سياسي بحت، فإن المستشفيات الحكومية في الشمال ليست أفضل حالاً من الخاصة، حيث تعتبر الأسقف المالية الموضوعة لها أقل بكثير من حاجات هذه المستشفيات المادية السنوية.
وفتحت أزمة كورونا الباب واسعاً أمام الحاجة إلى تجهيز المستشفيات الحكومية سواء للتعامل مع جائحة “كورونا” أم لباقي الأقسام والأمراض الأخرى ولولا بعض المساعدات الخارجية لما كانت هناك أي قدرة لهذه المستشفيات على المتابعة. يحصل ذلك وسط شكوى متكررة من مستشفيات في الشمال، تطال موضوع الأسقف المالية المتدنية من جهة، والتأخّر الكبير من قبل وزارة الصحة في تأمين التجهيزات والموافقة على اعتماد الطواقم الطبية والتمريضية والتعاقد معها بشكل سريع لمواكبة الإنتشار السريع لفيروس “كورونا” من جهة أخرى. ومع مطالبات المستشفيات الخاصة الشمالية المستمرة برفع الأسقف المالية وعدم استجابة الوزير، تتجه وزارة الصحة إلى إشراك المستشفيات الخاصة في الجهود الرامية إلى وضع حد لانتشار وباء “كورونا” واعتماد أقسام فيها لتخفيف الضغط عن المستشفيات الحكومية في المناطق، فإن عدداً من مستشفيات الشمال الخاصة قد جهّزت منذ البداية أقساماً لـ”كورونا” وتعاطت مع الجائحة بحكم الأمر الواقع، لكنها تعتبر من جهتها، أن “على وزير الصحة عدم الكيل بمكيالين مع المستشفيات والمناطق قبل أي شيء آخر”.