لا يزال كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الناري تجاه الطبقة السياسية كاملة يتردد صداه جمودا تاما في الحركة على الخط الحكومي، في وقت لا يزال رئيس الجمهورية ميشال عون يصر على التمسك بخياره لجهة الاتفاق على شكل الحكومة وتركيبتها، قبل تسمية الرئيس المكلف.
وفي وقت تتريث بعبدا في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، في مؤشر واضح إلى أن الدرب الحكومية ليست سالكة وآمنة، دعت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى استخلاص العبرة الأولى من تجربة مصطفى أديب في رئاسة الحكومة. ذلك أن الرجل الديبلوماسي الآتي على صهوة جواد المبادرة الفرنسية راهن على تأييد من رئيس الجمهورية لجهة تكريس مبدأ المداورة، وتأليف حكومة مصغرة تعمل على اقرار الاصلاحات المطلوبة حصرا، بعيدا من التدخل السياسي. لكن تصور أديب المستوحى من المبادرة الفرنسية تلقى أول رصاصة من بعبدا. ذلك أن الرئيس عون سارع إلى المطالبة، حسب ما نسب إليه، بتشكيلة موسعة من 20 أو 24 وزيرا.
لكن هذه لم تكن الضربة الوحيدة التي تلقاها أديب. كيف لا وحزب الله أجهز تماما على ما كان يتمناه الرئيس المكلف، ليطيح بضربة طائفية قاضية مبدأ المداورة، مصطدما بإصرار الثنائي أمل- حزب الله على احتفاظ الطائفة الشيعية بوزارة المال، من باب الحق في ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
لكن إذا كان هذا الموقف واضحا بفعل تكراره من جانب الثنائي الشيعي، فإن المصادر نبهت إلى أن أهم ما في الامر يكمن في أن عون أضاع على نفسه فرصة جديدة لإثبات أنه “بي الكل” ويقف على مسافة واحدة من الجميع. حيث أن الدفع الذي أعطته المبادرة الفرنسية لمسار أديب كان يمكن أن يبرر بعضا من التباعد الحكومي بين بعبدا والضاحية، فيما العلاقات بين الضاحية وميرنا الشالوحي ليست في أحسن أحوالها، بدلا من ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لاستباحة صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما نبه إليه الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله، مصورا الحزب في موقع المدافع عن رئاسة الجمهورية. فهل تتغير المعطيات في المهلة الجديدة؟