باستثناء جمعة النواب المستقيلين تحت القبة البطريركية بحثا عن حل يجنّب لبنان أمَرّ كأس قد يتجرعه، تبدو الساحة السياسية في حال من الاستسلام التام الى مشيئة من ارادوا التحكم بمصير البلاد والعباد ورهن الوطن لمصالح المحاور الخارجية المتناحرة . لا دعوة رئاسية الى استشارات نيابية ولا حركة اتصالات بين المعنيين لتكليف او تأليف ولا محاولات لفك العقد التي افقدت مصطفى اديب صبره ودفعته نحو الاعتذار واخرجت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن طوره لدرجة تسمية المعرقلين والفاسدين و”القابضين”.
واذا كان استسلام الفريق الحاكم مسلّما به ما دام المعطلون في صلبه، لا بل هم الآمر والناهي، فإن غير المبرر ولا المنطقي تخاذل المعارضة والتسليم بما يقضي به هؤلاء، من دون ان تحرك ساكنا في مواجهة المسار التعطيلي الممنهج ، بعدما ارتضى بعض اطرافها تجرع كأس السم من دون طائل لا بل ارتدت عليه سلبا حملات واتهامات. فماذا تنتظر المعارضة لتوحيد صفها والقفز فوق تبايناتها ومحاولة قلب المعادلة لمصلحة الحفاظ على ما تبقى من وطن؟
تكشف مصادر سياسية في الفريق المعارض لـ”المركزية” ان الخطوة الوحيدة الكفيلة بتغيير ستاتيكو الاستمرار في التفرج على انهيار البلاد هي استقالة جماعية لكافة قوى المعارضة من المجلس النيابي وقلب الطاولة للانتقال الى مكان جديد وخلق دينامية سياسية ورسم خريطة طريق، تكسر رتابة العيش في انتظار تطورات الخارج وكيفية تلقفها لبنانيا. بيد ان دون هذه الخطوة التي دخلت حيز التفكير الجدي والاتصالات والمشاورات في شأن مدى استعداد الكتل السياسية المعارضة، المستقبل واللقاء الديموقراطي والجمهورية القوية، للإقدام عليها، محاذير، تحول حتى الساعة دون الالتقاء على مساحة مشتركة تكفل نقل الخطوة من الفكري الى العملي، علما ان ما كان يعوق الاقدام قبيل استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، لم يعد قائما بعدما انكشفت كل الاوراق في حقبة تكليف اديب. تقول المصادر ان بعض هذه القوى يفضل التريث الى ما بعد انتهاء مبادرة ماكرون خشية ان تُفسر الاستقالة الجماعية المعارضة في اطار نسف مبادرة صديق لبنان الذي يبذل وقتا وجهدا في سبيل انقاذ لبنان، بحيث ينقلب السحر على الساحر وعوض ان يتحمل الثنائي الشيعي مسؤولية التعطيل تصبح المعارضة هي المعطِلة ، الا اذا حصل تواصل جدي مع الفرنسيين، وهو ربما قائم، في شأن هذه المسألة كخيار بديل، فيما لو فشلت المبادرة الممددة ستة اسابيع كحد اقصى، يكاد ينقضي اسبوعها الاول من دون اي بوادر حل.
وتعرب عن اعتقادها بأن رئيس فرنسا لن يكون في وارد المزيد من التجديد لمبادرته اذا لم تفلح ، وهو على الارجح يجري اتصالاته الدولية مع القوى العظمى في شأن الخطة البديلة عن مبادرته، وليس في وارد تلقي ضربة ثانية من القوى السياسية نفسها، وقد اكد للبنانيين انه لن يتركهم فريسة سهلة لقدر يرسمه المعرقلون الباحثون عن امجاد على انقاض الوطن، فهل ترتكز هذه الخطة على دور للمعارضة وبعض اركانها الموجودين في الخارج؟ وهل تخرج استقالة نوابها جماعيا لبنان من براثن الشر ومريديه؟