وراء لفتته الانسانية تجاه الوطن المنكوب بعد كارثة 4 آب، أهداف سياسية أراد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تسجيلها في المرمى الدولي، في زمن الانتخابات الرئاسية الأميركية. راهن الرجل الذي جهد لتأكيد نيته الصادقة في مد يد العون إلى اللبنانيين المفجوعين ، على الالتزامات التي قطعها أمامه القادة السياسيون على اعتبار أن أحدا منهم لا يرغب في الامعان في إغراق البلد في أزمة لم يكن ينقصها إلا زلزال بحجم انفجار المرفأ. غير أن فرنسا وقعت سريعا تحت صدمة ما كانت تتصورها: حتى في زمن الانهيارات المرعبة، الأولوية لتصفية الحسابات السياسية.
وفي السياق، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـ “المركزية” أن دوائر القرار السياسي الفرنسي لا تزال تحت تأثير الصدمة الكبيرة التي أحدثتها الاطاحة المتعمدة للمبادرة الفرنسية، التي لم تكن إلا خريطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة. إنطلاقا من هذه الصورة، لا تستغرب المصادر المؤتمر الصحافي الناري الذي عقده ماكرون الأحد الفائت.
وتلفت إلى أن أهمية الكلام العنيف الذي أفرغ من خلاله الرئيس الفرنسي جام غضبه على المسؤولين اللبنانيين يكمن ليس فقط في أنه عمم الاتهامات بالفشل والتخاذل والفساد على جميع أركان الطبقة الحاكمة، بل إنه انقلب بشكل جذري على موقفه السابق من حزب الله، القائم أولا على الحوار.
وإذا كانت المصادر تنبه إلى أن ماكرون حرص على القول إن العقوبات القاسية على حزب الله قد لا تؤتي ثمارها على المدى القصير، فإنه نكأ الجرح في المكان الأشد ايلاما لحزب الله، حيث دعاه إلى “عدم اعتبار نفسه أقوى مما هو عليه فعلا، واصفا إياه بالميليشيا المقاتلة إلى جانب النظام السوري”.
وتشير المصادر إلى أن ماكرون، ومن خلال هذا الموقف العالي النبرة انتقل إلى الخطة ب، أو بالأحرى إلى موقع الهجوم على حزب الله، مطلقا بذلك إشارة قوية إلى الاتحاد الأوروبي لرفع سقف المواجهة مع الحزب. بدليل أن برلين قرأت الرسالة جيدا وسريعا، وها هي اليوم تهدد بضم الحزب بكامله إلى قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب. إنه إذا هدف قوي لماكرون في المرميين الأوروبي والأميركي بعد الانتقادات اللاذعة التي تلقاها من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.