كتبت صحيفة “الأخبار”:
على الطاولة الحكومية لا توجد سوى مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي. وقد وُضعت في خانة المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية، مرحلة إعطاء اللبنانيين مهلة 4 إلى 6 أسابيع ليتفقوا على شكل الحكومة الجديدة. مبادرة ميقاتي تنص على تشكيل حكومة من 20 وزيراً برئاسة سعد الحريري، بحيث تضم 6 وزراء دولة من السياسيين و14 وزيراً اختصاصياً. منذ أطلقت المبادرة لم يعلن أي طرف رفضها. وهي تتناغم من مطلب أغلب الكتل بضرورة وجود سياسيين في حكومة سيكون على عاتقها الكثير من الملفات، التي لا يكفي لبتها وجود اختصاصيين. على رأس هؤلاء ثنائي حركة أمل وحزب الله اللذان تتفق المبادرة مع مطلبين سبق أن طرحاهما: أن تكون الحكومة مطعّمة بسياسيين وأن يكون سعد الحريري أو من يوافق عليه على رأسها. بعد تسمية السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة، كان الحديث عن حكومة مطعّمة بسياسيين مرفوضاً تماماً. لكنّهما وافقا على المبادرة الفرنسية بعنوانها الذي استجد قبيل التسمية وهو حكومة اختصاصيين مستقلين (سبق أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت تأييده لحكومة تضم جميع الكتل). ولذلك سار الجميع تحت هذا الإطار، إلى أن وقع الصدام نتيجة رفض أديب، ومن خلفه رؤساء الحكومات السابقون، التواصل مع الأفرقاء في إطار سعيه إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة المجلس النيابي.
بعد سقوط المبادرة الفرنسية بنسختها الأولى صار من الجنون إعادة التفكير بتسمية رئيس حكومة من خامة أديب أو حسان دياب، أو السير بحكومة من الاختصاصيين. فأي حكومة من هذا النوع لن تكون قابلة للحياة، لأنها ستصطدم بالعراقيل نفسها. وهذا يعني أن التسمية صارت محصورة بين الرؤساء سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام. مجرد وجود أي من هذه الأسماء يعني نهاية حكومة الاختصاصيين، ولهذا كان منطقياً أن يطرح ميقاتي مبادرة حكومة الاختصاصيين والسياسيين. خاصة أنه سبق أن رُفض، قبيل تكليف دياب، ترؤس الحريري لحكومة اختصاصيين صرف.
إذا كان الأميركي قد عرقل تشكيل الحكومة، على ما أكد الرئيس الفرنسي نفسه، فقد صارت المسألة بحاجة لإعادة نظر عقب الإعلان عن اتفاق الإطار للتفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية. وترحيب وزارة الخارجية الأميركية بهذا الإعلان. وعقب قول ديفيد شينكر إن موافقة لبنان على التفاوض مع إسرائيل ستساعده.
مشكلة المبادرة أنها تقترح وجود الحريري على رأس الحكومة، والحريري لا يزال حتى اليوم رافضاً العودة إلى رئاسة الحكومة لأسباب عديدة. وهذا يعني أن من بقي في الميدان هما ميقاتي وسلام، علماً أنه تردد أمس أن الحريري الذي يؤيد مبادرة ميقاتي اقترح أن يكون الأخير بنفسه رئيساً لها.
مع ذلك، لا شيء محسوماً بعد، في انتظار تحديد رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية. تلك ستكون بمثابة الإيذان بأن حظوظ نجاح المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية قد تكون أكبر من حظوظ المرحلة الأولى التي بنيت على عدم تقدير للواقع اللبناني.