كتبت إيناس شري في صحيفة الشرق الأوسط:
وصلت تداعيات أزمة الدولار في لبنان إلى القطاع الصحي؛ إذ بدأ الحديث عن توجه بعض المستشفيات الخاصة إلى وضع تعريفة جديدة لخدماتها على أساس سعر صرف للدولار مقابل الليرة اللبنانية، متوسط بين الرسمي والسوق السوداء، أي 3950. وذلك في وقت يسير فيه القطاع الصحي بأكمله إلى كارثة حقيقية، متمثلة بتوجه المصرف المركزي إلى رفع الدعم عن الدواء الذي يؤمن دولار استيراده على أساس سعر الصرف الرسمي.
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، نفى أخذ أي قرار حول اعتماد المستشفيات الخاصة تعريفة جديدة؛ مؤكداً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن هناك «مستشفى واحداً حدد التعريفة على أساس صرف غير رسمي، ولكن للمراجعين غير المضمونين من أي جهة حكومية، أي أن الأمر لا يؤثر على الجهات الضامنة؛ بل يتعلق بشركات التأمين التي يتم التفاهم معها من قبل المستشفى».
وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، قد أكد أن زيادة تعريفة المستشفيات ورفع سعر الدواء ليس مطروحاً؛ ما دام سعر صرف الدولار الرسمي لم يتغير؛ لافتاً بعد اجتماع مع الجهات الضامنة والمستشفيات الخاصة إلى أن «زيادة تعريفة المستشفيات تبقى خاضعة لسعر الصرف الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان، تحت طائلة اتخاذ إجراءات بحق المخالفين».
وفيما يتعلق بشكاوى بعض المواطنين حول إجبارهم على دفع فرق الجهات الضامنة من الفاتورة الاستشفائية، على أساس سعر صرف للدولار يصل إلى 8000 ليرة في بعض الأحيان، أوضح هارون أن هذا الأمر لا يحصل إلا فيما يخص المستلزمات الطبية، وذلك لأن مصرف لبنان يدعم 85 في المائة من سعرها فقط، والجهات الضامنة لم تغير تعريفة سعرها.
تحمل المواطنين لفروقات الجهات الضامنة من الفاتورة الاستشفائية على سعر صرف غير رسمي، يؤكدها أيضاً المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كركي؛ مشيراً إلى أن الضمان «ملتزم بتعريفة رسمية توضع من قبل لجنة مختصة على أساس آليات واضحة، وهذه التعريفات معمول بها بالليرة اللبنانية».
ولفت كركي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنه في «الفترة الأخيرة حصل عدد من التجاوزات من قبل بعض المستشفيات فيما يخص التعريفة، ولا سيما في موضوع فاتورة (كورونا)، والمستلزمات الطبية، فضلاً عن دفع المواطنين قيمة المستلزمات الطبية غير المدرجة على لوائح الضمان، انطلاقاً من سعر الدولار في السوق السوداء».
وأشار إلى أن فروقات التعريفة لم تبلغ حدوداً مرتفعة، وقال إن المستشفيات تطالب بتحديد تعريفات جديدة لمرضى «كورونا»، وإن «الضمان» يبحث إمكانية السير في الموضوع، ولكن يحتاج قبلها إلى تأمين التمويل اللازم.
– رفع الدعم يعني كارثة طبية
في إطار آخر، حذر كركي من «كارثة قد تصيب الجهات الضامنة، وتحديداً صندوق الضمان الاجتماعي، وبالتالي المواطنون والقطاع الصحي» في حال رفع الدعم الذي سيؤدي أو يتطلب وضع تعريفة استشفائية جديدة.
وقال إن إيرادات الضمان (مستحقات من الدولة واشتراكات) انخفضت في الأشهر الستة الأولى من هذا العام 41 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، موضحاً أن فاتورة الضمان الاستشفائية هي 750 مليار ليرة سنوياً، وإذا ارتفعت التعريفة على أساس سعر صرف 3950 فستصبح 1950 ملياراً.
أما فاتورة الضمان للدواء فتبلغ حسب كركي «500 مليار سنوياً، وستصبح 2500 مليار على أقل تقدير في حال رفع الدعم، ما يعني أن فاتورة الدواء ستصبح أكثر من كامل إنفاق الضمان السنوي المقدر بـ1250 مليار ليرة».
وأشار كركي إلى أنه في حال وجدت آلية لتمويل الجهات الضامنة: «يبقى السؤال عن قدرة المواطن على تحمل فرق الضمان الذي يتراوح بين 10 و20 في المائة من الفاتورة، أي أن هذا الفرق في حال رفع الدعم سيكون أكثر من الحد الأدنى للأجور في أسعار بعض الأدوية». واعتبر أن رفع الدعم سيؤدي إلى كارثة صحية واجتماعية؛ محذراً من الإقدام على مثل هذه الخطوة قبل إيجاد الآليات التي تضمن الأمن الصحي للمواطنين.