منذ ان أطفئت عصر يوم السبت الماضي المحركات الحكومية بعد ساعات قليلة على اعتذار السفير مصطفى اديب عن امكان اتمام المهمة التي اوكلت اليه من اجل تشكيل “حكومة المهمة” انطلقت سلسلة من السيناريوهات التي تحاكي مرحلة التمديد للمبادرة الفرنسية وما يمكن ان تحمله من مخاطر متعددة الوجوه. وما زاد من منسوب القلق استحالة التوصل في المدى المنظور الى تحديد اي موعد للاستشارات النيابية الملزمة من اجل اجراء المقاربة التي تحكم عملية تأليف الحكومة البديلة بانتظار تطورات الساعات المقبلة التي يمكن ان تؤشر الى مستقبل هذا الملف وما يمكن ان يطرأ من معطيات تحركه من جديد.
وفي ظل الإهمال الواضح لكل ما يشكل مقاربة لعملية الاستشارات النيابية الملزمة تتعدد الروايات والسيناريوهات التي تتحدث عن احتمال انطلاقها الأسبوع المقبل في اعقاب انتهاء الفرصة التي خطفها ملف التوصل الى “اتفاق اطار” يحكم انطلاق المفاوضات بين لبنان واسرائيل على مستوى الوفدين العسكريين من اجل ترسيم الحدود البرية والبحرية في الرابع عشر من الشهر الجاري، الذي حدد أول اجتماع بينهما في مقر قيادة القوات الدولية في الجنوب برعاية اميركية وبتسهيلات لوجستية تعهدت بها القيادة الدولية.
وبمعزل عن الاهتمام الذي خطفه التوصل الى الإتفاق لشكل ومضمون وتوقيت المفاوضات من اجل احياء عملية الترسيم، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، عن ان الاتصالات الفرنسية لم تتوقف في اعقاب اعتذار اديب يوم السبت الماضي كما في توقيت تلى المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الاحد الماضي في اكثر من اتجاه.
فالى الإتصالات التي واظب عليها الفريق الدبلوماسي والإستخباري المعاون لماكرون في الملف اللبناني مع عدد من الشخصيات اللبنانية بغية استمزاج الرأي في امكان احياء المشاورات الضرورية من اجل تكليف بديل من السفير اديب ضمن المهلة المعقولة من اجل استئناف مساعي التأليف في وقت قريب، كانت تحركات فرنسية غير معلن عنها وبقي الاجتماع الابرز ذاك الذي عقده السفير الفرنسي المنتهية ولايته برونو فوشيه مع مسؤول الشؤون الخارجية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي قبل مغادرته بيروت صباح امس الجمعة عائدا الى بلاده ايذانا بانتهاء مهامه الدبلوماسية في بيروت بعد ثلاث سنوات على وجوده فيها.
وكشفت المصادر الدبلوماسية عن ان اللقاء الذي علمت به الخارجية الفرنسية مسبقا لم تشأ ان تعطيه اي طابع رسمي خارج نطاق الإطلاع على رأي الحزب في شأن التطورات الأخيرة بعد اعتذار اديب ومضمون المؤتمر الصحافي للرئيس ماكرون والوقوف على مدى استعداد الحزب للتجاوب في حال استؤنفت المبادرة بصيغة جديدة تمنع تكرار الأخطاء التي ارتكبت في المرحلة الأولى واستكشاف ما يمكن القيام به في المستقبل.
وقالت المعلومات ان المبادرة الفرنسية لن تتوقف عند المعطى الخاص بعملية تأليف الحكومة، فما قالت به المبادرة الماكرونية تجاوز محطة التأليف الى المحطات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التالية التي تتناول قضايا محددة تساعد الجانب اللبناني على استئناف مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي والهيئات المانحة من اجل استعادة الثقة الدولية المفقودة بالمؤسسات الرسمية اللبنانية المالية والإدارية. وكل ذلك من اجل وقف مسلسل المآسي التي تتناسل وليس من السهل تجنبها وتجاوز ما خلفته من فواجع بلغت بتردداتها السلبية الحدود القصوى التي كانت متوقعة في حال فشل مساعي تأليف الحكومة. ولذلك عبرت مراجع معنية عن مخاوفها مما بلغه الغلاء الذي طال اكثرية حاجات اللبنانيين وقد بلغ الذورة ومعه ارتفاع نسبة البطالة نتيجة اقفال العديد من المؤسسات وعجزها عن تقديم خدماتها وهو ما رفع من نسبة العائلات التي باتت تحت خط الفقر عدا عن المخاطر الأخرى المتوقعة امنيا واجتماعيا واخلاقيا.
الى ذلك، كشفت المصادر الديبلوماسية لـ “المركزية”، عن انجاز ما زال طي الكتمان وهو يتصل بالمجهود الذي يبذله وفد نقدي ومالي وقانوني من البنك المركزي الفرنسي في بيروت، وهو الذي باشر قبل فترة الاطلاع على حسابات مصرف لبنان بغية اجراء نوع من التقييم للخطوات التي اتخذها في السنوات الأخيرة والتثبت من اسباب العجز المفاجىء وهي مهمة شارفت على نهايتها قبل ان تقلع مؤسسة “الفاريس آند مارشال” بمهمتها التي تعاقدت بشأنها مع الحكومة اللبنانية من اجل اجراء التحقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي.
وبناء على ما تقدم، وما يمكن ان تأتي به ايام الأسبوع الطالع من مؤشرات هامة بشان الملف الحكومي، قالت مصادر مطلعة ان لا بد من خطوة تكسر حال الجمود في ظل اصرار الأطراف المتصارعة على انتظار الخطوة الأولى من الطرف الآخر من دون ان يبادر احد الى اي خطوة يمكن ان تحيي الحديث في ما يمكن القيام به. فالأزمة لا تحتمل المزيد من التسويف والمماطلة ولا بد من اتخاذ قرارات حاسمة يقدم عليها رئيس الجمهورية بالتفاهم مع رئيس مجلس النواب وهو ما اسرت به معلومات تحدثت عن اجتماع بينهما منتصف الأسبوع المقبل قيل انه سيخصص للبحث في تركيبة الوفد اللبناني المشترك العسكري والمدني والقانوني الذي سيقود المفاوضات بدءا من 14 الشهر الجاري لترسيم الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وهو امر يراهن عليه كثر لاستكشاف الخطوات المقبلة.