منذ ايام دخلت باخرة محمّلة بمادة البنزين المياه اللبنانية باتجاه منشآت الزهراني في الجنوب وهي غير معروفة الهوية، وتبين انها لم تأتِ بناء على طلب أي جهة رسمية أو أي شركة خاصة، وفق ما اكدت المديرية العامة للنفط – إدارة منشآت النفط، في بيان، موضحةً ان استيراد المشتقات النفطية لصالح المنشآت يتم استناداً إلى المناقصات التي تجريها لجنة مختصة بتكليف رسمي وفق الأصول، وبالتالي فإن الباخرة الآن قيد التحقيق لدى الجهات المختصة”.
وفي وقت اوضحت المعلومات المستقاة من اكثر من مصدر ان الباخرة jaguar S آتية من اليونان وان إدارة الجمارك ولدى التدقيق في المانيفست وبوليصة الشحن والعلم والخبر المقدّم من الوكيل البحري تبيّن عدم وجود شركة مستوردة للبضاعة الموجودة على متنها، كما أن الشركات المستوردة للمحروقات تبرّأت منها وكذلك منشآت النفط، يبقى السؤال “لمن تعود باخرة البنزين-الشبح ولماذا رست في الزهراني”؟
حتى الان لا معطيات مؤكدة ورسمية حول وجهة الباخرة بإستثناء ما كُشف عن انها آتية من اليونان وتحمل ما يقارب 4 ملايين ليتر من البنزين وهي مستوردة لصالح شركة “النِعَم” السورية التي تعمل في مجال المشتقات النفطية، غير ان طريقة دخولها المياه الاقليمية اللبنانية ورسوها قبالة منشآت الزهراني تحديداً وليس اي منشآت نفطية اخرى في لبنان يجعل من السهولة “توقّع” وظيفتها ووجهتها بالإستناد الى جملة وقائع نعددها بصيغة التساؤل:
كيف دخلت الباخرة المياه الاقليمية اللبنانية في طريقها من اليونان لترسو قبالة الزهراني؟ ومن اعطاها “الإذن” في وقت ان الجهات الرسمية اللبنانية وصاحبة الشأن الممثلة بالمديرية العامة للنفط “تبرّأت” منها مشيرةً الى ان لا علم لها بها؟
كيف “تتجرّأ” باخرة على دخول مياه اقليمية “تعجّ” بقوات المراقبة البحرية منها الدولية التابعة لـ”اليونيفيل” واللبنانية المتمثّلة بالقوات البحرية التابعة للجيش اللبناني وتتجوّل في المياه لترسو قبالة منشآت الزهراني وكأن “لا حسيب ولا رقيب” في البحر وأن هناك قوّة اكبر من القوات الدولية واللبنانية الرسمية تُدخل من تشاء في المياه الاقليمية كما تفعل على الحدود البرية؟
قبل الاجابة على هذه التساؤلات المشروعة، رجّحت مصادر معنية لـ”المركزية” “ان يكون للباخرة-الشبح وجهتان بالاستناد الى طريقة دخولها المياه الاقليمية اللبنانية: الاولى ان تكون آتية من ايران ومرّت عبر اليونان، حيث جرى تبديلها بباخرة اخرى تحمل اسماً ورقماً تسلسلياً مختلفاً بعد ان أطفأت جهاز GPS الخاص بها كي لا يتم رصد حركتها عبر الاقمار الاصطناعية، فدخلت المياه الاقليمية اللبنانية في طريقها الى مرفأ طرطوس من اجل إفراغ حمولتها من البنزين.
والثانية ان تكون اتّبعت كل هذه الخطوات لكن ليس للتوجّه الى مرفأ طرطوس وانما لترسو في منشآت الزهراني تحديداً، فيتم تفريغ حمولتها بالتعاون مع جهات متواطئة وتنقل بالتقسيط وعبر البر الى سوريا بتغطية من قوى الامر الواقع المستفيدة من هذه العملية والمسيطرة على المعابر الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا.
على اي حال، وبإنتظار نتائج التحقيقات التي يجريها القضاء وسط ترجيحات باتّخاذ قرار بإعادة الباخرة وحمولتها الى تركيا، اعتبرت المصادر “ان اي مساعدة لبنانية لايصال الباخرة الى مكان “محظور” دولياً سيُرتّب علينا تبعات خطيرة ليس اقلها خرق قانون قيصر الذي يُحظّر التعامل مع النظام السوري تحت اي عنوان والا فان العقوبات بالمرصاد”.
ولفتت الى “ان لبنان بغنى عن “همّ” جديد يُضاف الى جبال الهموم التي يتحمّلها. فهو اليوم في وضع اقتصادي سيّئ جداً ويُعاني من عزلة دولية واقليمية نتيجة سياساته، فهل يجوز إقحامه في نيران “قانون قيصر” بالالتفاف عليه من خلال هذه الباخرة في وقت ان هناك اقتراح قانون مقدّم من السيناتور الجمهوري جين شاهين بإعفاء لبنان من عقوبات قيصر، لان وضعه الاقتصادي لا يحتمل مزيداً من العقوبات”.
وختمت المصادر “لا يجوز ان نُلدغ من الجحر نفسه مرّتين. منذ شهرين دفعنا ثمن باخرة “روسوس” المشبوهة والتي لا هوية لها فتسبّبت بإنفجار مرفأ بيروت. فهل يجوز تكرار التجربة لا سمح الله مع باخرة “جاغوار-اس” التي لا نعرف حتى الان صاحبها؟