IMLebanon

إنهيار محور الممانعة

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

ليست مصادفة أن تخضع إيران و”حزب الله” للشروط الأميركية فيُسمح للبنان أن يذهب إلى مفاوضات الترسيم مع إسرائيل قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، في حين كانت إيران وحزبها في لبنان أجهضا المبادرة الفرنسية قبل أسبوعين.

وليست مصادفة بالتوازي تواتر الإشارات من النظام السوري عن إمكان عقد سلام مع إسرائيل بالتزامن مع معلومات عن مفاوضات سرية بين دمشق وتل أبيب.

كل ما سبق يدخل في سياق تراكم الإشارات على انهيار محور الممانعة في ظل معطيات انهيار الاقتصاد الإيراني بالكامل، بعد اعتراف الرئيس حسن روحاني بأن بلاده خسرت ما لا يقل عن 150 مليار دولار نتيجة العقوبات الأميركية، وفي ظل نجاح الخطة الأميركية للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وذلك بعدما نجحت إيران في استعداء كل الدول العربية ودفعها لتفضيل “العدو الإسرائيلي” على “الشيطان الإيراني” الذي يسعى إلى احتلال العواصم العربية وتخريبها تحت عنوان “تصدير الثورة”.

هكذا، وبعدما توهّمت إيران أن حدودها وصلت إلى ضفاف المتوسط وجدت إسرائيل في قلب الخليج، وبعدما توهّمت إيران و”حزب الله” أنهما أقاما ما أسمياه “توازن الرعب” مع إسرائيل، تبيّن أن إيران تتعرّض لأقسى الضربات من اغتيال قاسم سليماني مروراً بكل الضربات الإسرائيلية على مواقعها في سوريا وليس انتهاء بالضربات والانفجارات “الغامضة” في قلب إيران ومواقعها الحيوية، كما تبيّن أن “حزب الله” بات عاجزاً عن القيام بأي ردّ فعل على الاستهدافات الإسرائيلية. فإذا حاول “الحزب” بشكل مفاجئ تبرئة إسرائيل من جريمة تفجير مرفأ بيروت، فإنه تهرّب من أي تفسير مقتنع لحادثة تفجير عين قانا، لا بل ولجأ إلى مسرحية هزلية بالرد على ما أدلى به بنيامين نتنياهو في ما يتعلق بالمنشأة في منطقة الجناح في بيروت، ونظّم جولة للإعلاميين في الليلة نفسها كادت تورّطه أكثر عوض أن تبرّئ ساحته!

هكذا يبدو جلياً أن كل محور الممانعة في المنطقة يتفكك من العراق الذي باتت حكومته تواجه الميليشيات الإيرانية، مروراً بسوريا اللاهثة إلى التطبيع مع إسرائيل بأي ثمن للحفاظ على نظامها وليس انتهاءً بلبنان حيث خضع الثنائي الشيعي لمطلب الترسيم، وبات الحديث طبيعياً عن إمكان القبول بالنائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري رئيساً مكلفاً جديداً لتشكيل الحكومة، وهو من كان رفض الثنائي الشيعي رفضاً قاطعاً عودته إلى منصبه في مصرف لبنان قبل أشهر قليلة بذريعة أنه “وديعة أميركية”!

ما نشهده أكبر من تراجع إيراني في المنطقة. إنه انهيار شامل وكامل لمحور ومنظومة الممانعة في منطقة تشهد أكبر تغيير في صورتها منذ 100 سنة. جلّ ما تحاول إيران وحلفاؤها أن يفعلوه الآن هو محاولة الحصول على بعض المكتسبات الصغرى في مقابل التنازلات الكبرى التي يقدمونها… فهل دقت الساعة؟!