Site icon IMLebanon

هل يذهب لبنان إلى المفاوضات مرغماً أو مقتنعاً؟

كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:  

عند شيوع خبر ذهاب لبنان إلى حضور اتفاق الاطار لاطلاق مفاوضات ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، جزمت أحزاب وأطياف لبنانية عدة قائلةً صحيح أن الحاجة أمّ الاختراع، وأن للضرورة أحكام، وأن العقوبات الاميركية المستمرة على لبنان فعلت فعلها وجعلت حزب الله يقبل ضمنياً بانعقاد المفاوضات. وللاضاءة أكثر على هذا الموضوع وهو حديث الساعة سارع الاعلام الاسرائيلي إلى تأكيد هذه الفرضية وتأكيد حاجة لبنان الملحة إلى المال جراء اقتصاده المنهار الذي يستمر بالصراخ مستغيثاً وطالباً امداده بالطاقة كي يستعيد عافيته، وهو بحاجة للاستفادة مادياً من موارده النفطية والغازية.

من هنا أتى تعليق وزير خارجية اسرائيل غابي أشكينازي على اتفاق الاطار ومفاوضات ترسيم الحدود قائلاً بأن نجاح المحادثات من شأنها جلب البحبوحة لابناء الشعبين اللبناني والاسرائيلي حسب تعبيره. ولم يذهب الوزير الاسرائيلي المذكور إلى الجزم بأن الخطوة تلك في حال نجاحها ستجعل لبنان من طالبي التطبيع مع اسرائيل.

وقد شاطرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية اشكنازي الرأي، عندما أفادت بتاريخ 2 تشرين الاول2020 بأن الترسيم ليس مؤشر سلام وليس تطبيعاً ولا حتى مؤشر نزاع بين لبنان و اسرائيل على حقول الغاز في البحر المتوسط، بل ان من جعل لبنان يوافق على استئناف المحادثات مع اسرائيل حول الحدود البحرية ليست سوى مؤشرات جوع وضائقة اقتصادية وتفكك اجتماعي وسياسي لبلاد الأرز، وختمت الصحيفة قائلة لقد أصبح لبنان بحاجة ماسة للوصول إلى تسوية سريعة تسمح ببدء التنقيبات عن الغاز الذي ستملأ أرباحه صندوقه وصندوق حزب الله

ومن ناحية أخرى، وبتاريخ 3 تشرين الأول 2020 ذهبت صحيفة رأي اليوم اللندنية إلى حد القول في افتتاحيتها، يبدو أن الرئيس زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان لم تكن من أجل التسريع بتشكيل حكومة لبنانية ولكن كانت من أجل اقناع بعض الكتل السياسية ورئاسة الجمهورية بالقبول بهذا الاتفاق الامريكي وبالتحديد قبل موعد اجراء الانتخابات الأميركية الشهر المقبل.

أما مساعد الوزير الاميركي دايفيد شنكر فقال بتاريخ 2 تشرين الاول 2020، ما أفهمه هو أن لبنان يعاني من أزمة مالية وسيستفيد بشكل كبير من استغلال موارده الطبيعية وهذا على الأرجح سيساعد على تخفيف بعض المشاكل المالية التي يواجهها الآن، في حين أفاد مراقبون بالقول أن المفاوضات لن تكون مباشرة ولا مجال للحديث ضمن جلساتها عن سلاح حزب الله أو التطبيع. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ميادين الصراع، هل أن واشنطن تسعى نحو جر لبنان إلى التطبيع مع اسرائيل لمحاصرة سوريا وايران أو أنها ستكتفي فقط بالعمل والسعي إلى انجاح أعمال اتفاق الاطار ومفاوضات ترسيم الحدود فقط؟

وهنا لا يمكن إلا أن أدحض أقوال الوزير الاسرائيلي اشكنازي وأن أعود إلى روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن الذي سبق أن استعرض سياسة الادارة الاميركية الموضوعة في العام 2005 لشرق أوسط جديد.

يقول ساتلوف أن نظرية عدم الاستقرار البناء التي وضعتها ادارة الرئيس الاميركي الأسبق جورج دابليو بوش ضمن تقرير وصف بالهام حينها، نصت على أنه بعد اجتياح العراق ستعمل الولايات المتحدة على اسقاط النظام السوري وبعدها ستنتقل إلى لبنان لتقسيمه، وبالفعل كانت صحيفة اللواء الغراء قد نشرت نهار السبت الواقع في 5 أيلول 2020 تقريراً أعدته صحيفة لوفيغارو الفرنسية ذكر فيه أحد الكتاب المسيحيين اللبنانيين العامل فيها، أنه بناءً على ما يشهده لبنان فإن المجتمع المسيحي لم يخسر كل شيء في حال تعاطفت معه دول مثل فرنسا وغيرها لمساعدة المسيحيين على تحويل نظام بلدهم إلى نظام كونفيدرالي وهذا هو التقسيم بعينه.

ويتابع ساتلوف بان هذا التقسيم عملياً يجب أن يتم بالتزامن مع نزع سلاح حزب الله وبعد ذلك ينبغي تشجيع التوطين ومن بعده التدويل وسوق لبنان المقسم طائفياً إلى طاولة ومنابر السلام مع إسرائيل.

من هنا وبرأيي الشخصي فإن الصراع على لبنان ما زال طويلاً وسيكون مضنياً وشاقاً وحاداً لذا ستبقى أنظار المحرومين والكادحين شاخصة لمدة طويلة مريرة نحو ما يجري وما سيجري بعد ذلك، وستبقى الانفاس محبوسة ولا مجال لالتقاطها، أما أجواء التعبئة والاستنفار ستبقى سائدة وستبقى الاصابع موضوعة على الازندة.