كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم“:
جيّد الإسراع في العمل على تشكيل حكومة جديدة. ولكن يتوجّب بموازاة ذلك عدم إضاعة مزيد من الوقت بأفكار وطروحات قد لا تنجح سوى في تعميق الأزمة، إذا كانت الحكومة الجديدة ستخرج كلياً أو في جزء كبير منها عن الشروط التي وضعتها مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
لا إمكانية كبيرة للتعويل على تحقيق خرق لبناني بين ثغرات قد تكون موجودة بالفعل في المقاربات الفرنسية والأميركية والأوروبية (عموماً) والروسية، المتعلّقة بالملف اللّبناني، لأن من يتقاطع على تحجيم الدّور التركي إقليمياً ودولياً، من أقصى الغرب الى أقاصي الشرق، لن يكون صعباً عليه أن يلتقي على حكومة لبنانية، وتسوية لبنانية، تمنع أي تمدّد إقليمي غير مستحَب على شواطىء المتوسط اللّبنانية، سواء كان هذا التمدّد تركياً أو إيرانياً.
ارتجال
من هنا، فإن أبرز ما يُمكنه أن يكون مفيداً، طبعاً الى جانب أهميّة تحديد موعد لإجراء رئيس الجمهورية ميشال عون الإستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة في 15 الجاري، هو العمل من ضمن إطار المبادرة الفرنسية، التي لم يُدخِل ماكرون أي تعديل واضح عليها حتى الساعة، والتي تتقاطع حولها القوى الدولية كافّة. وهذا يعني ضرورة عدم الإتّجاه نحو ارتجال سياسي في زمن السرعة الحكومية المطلوبة.
“العَوَض بسلامتك“!
أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أن “ما يجب أن يحصل في الملف الحكومي، هو مختلف عن الذي يحدث عملياً في هذا الإطار. وما يجب حدوثه كان من المُفترَض تطبيقه منذ زيارة الرئيس الفرنسي لبنان، وإطلاق مبادرته، ووضع مهلة زمنية لها”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى “أننا تخطينا المهلة، وفشلت محاولة ماكرون، لأن المسار السياسي لأصحاب القرار معاكس لها تماماً. وهذه حالة تُشبه وجود مريض يعاني من مشاكل رئوية، ويحتاج الى أنبوب أوكسيجين ليتنفّس جيّداً، فيما يرفض أهله وضع الأنبوب هذا له، دون أن يُعرَف السبب تماماً. وهو ما يعني أن حالته ستصعُب أكثر، أو انه سيموت ويتقبّلون التعازي به”.
ورأى أن “هذا يُظهِر أن المنطق انتهى، و”لعَوَض بسلامتك”، وذلك لصالح منطق القوّة والفوضى. فما قاله الرئيس الفرنسي عن أن القوى اللّبنانية وافقت على ما طلبه دون أن تلتزم، وتراجعت عن تعهّداتها في ما بَعْد، هو كلام يؤذي لبنان كثيراً، لا سيّما أن تراجُع تلك القوى نفسها عن رفضها يحتاج الى إرادة ليست متوفّرة كما يبدو”.
خرق دولي؟
وقال درباس:”طرح تشكيل حكومة تكنو – سياسية رُفِضَ، وتمّ التنصُّل منه سريعاً، وبُرِّرَ بأنه كان وسيلة من وسائل تحريك الملف الحكومي”.
وردّاً على سؤال حول أن التلاقي الأميركي – الفرنسي – الروسي – الدولي، على تحجيم تركيا في مياه المتوسط وليبيا وإقليم ناغورني كاراباخ، يمنع إضاعة الوقت لبنانياً بإمكانية التعويل على خرق دولي للمبادرة الفرنسية، كما يمنع أي دور تركي في لبنان، أجاب:”لا ضرورة لإلباس الملف اللّبناني كلّ ما يحصل على مستوى العالم دائماً، خصوصاً أن الدول الكبرى تتعامل مع بعضها البعض، ومع الملفات، على سبيل أن كلّ حالة تختلف عن الأخرى، وذلك رغم أنها قد تتقاطع في فترة، وتتباعد في أخرى”.
وختم:”تشكيل حكومة من خارج إطار المبادرة الفرنسية، كلياً، يشكّل استمراراً للوضع الذي نحن فيه حالياً. فإذا تمّ تشكيل حكومة غَلَبَة فريق على آخر، تُشبه حكومة تصريف الأعمال الحالية، فإن لبنان سيثبت في ما وصل إليه”.