كتب جاد حداد في “نداء الوطن”:
تكشف دراسة جديدة على الفئران أن الحمية الغذائية الغنية بسكر الفركتوز تزيد مرض التهاب الأمعاء سوءاً، ويبدو أن التغيرات التي تصيب جراثيم الأمعاء لها دور مؤثر.
تتعدد أعراض مرض التهاب الأمعاء منها الإسهال المتواصل، ووجع المعدة، ونزيف المستقيم أو ظهور دم في البراز، وفقدان الوزن بلا مبرر، والإرهاق.
يقول المشرف الرئيس على البحث الجديد ديفيد مونتروز من “كلية النهضة الطبية” في جامعة “ستوني بروك” في نيويورك: “تعكس زيادة حالات مرض التهاب الأمعاء ارتفاع كميات الفركتوز المستهلكة في بلدان كثيرة حول العالم”.
أراد مونتروز وزملاؤه تحليل مدى تأثير الفركتوز على تفاقم الالتهاب لدى نماذج من الفئران المصابة بمرض التهاب الأمعاء. اختبر العلماء أيضاً الفكرة القائلة إن التغيرات الحاصلة في بيئة الكائنات الدقيقة داخل الأمعاء تؤثر على المفعول الالتهابي الذي يعطيه الفركتوز.
يوضح مونتروز: “تقدم نتائجنا أدلة على وجود رابط مباشر بين الفركتوز الغذائي ومرض التهاب الأمعاء وتدعم المفهوم المرتبط بتفاقم المرض عند زيادة استهلاك الفركتوز. إنه استنتاج مهم لأنه قد يوجّه الخيارات الغذائية لدى المصابين بمرض التهاب الأمعاء، وهو عامل يفتقر إليه المرضى في الوقت الراهن”.
تقليد آثار مرض التهاب الأمعاء
أجرى العلماء مجموعة من التجارب لتحليل آثار الحمية الغنية بالفركتوز على ثلاثة نماذج من الفئران المصابة بالمرض.
استعمل النموذج الأول عنصراً كيماوياً اسمه كبريتات الصوديوم ديكستران لافتعال استجابة التهابية كتلك التي يسببها مرض التهاب الأمعاء، فلوحظ أن الحمية الغنية بالفركتوز زادت حدة الالتهاب. في المقابل، لم يتفاقم الالتهاب عند تبنّي حمية غنية بالغلوكوز. لاحظ الباحثون أيضاً أن إعطاء مضادات حيوية إلى الفئران يخفف أضرار الحمية الغنية بالفركتوز على مستوى القولون، ما يعني أن الجراثيم المعوية تؤثر على تلك الأضرار.
وحين راقب الباحثون الطبقة المخاطية التي تحمي الخلايا في محيط القولون عن قرب، اكتشفوا أن الحمية الغنية بالفركتوز تُخفّض سماكتها بنسبة الخِمس تقريباً. تتسلل الجراثيم إلى المخاط وتحتكّ بالخلايا مباشرةً. اكتشف فريق البحث أيضاً أن الحمية الغذائية هي التي غيّرت نسبة شيوع أجناس عدة من الجراثيم المقيمة في الأمعاء.
نموذج جرثومي مختلف
شمل النموذج الثاني من مرض التهاب الأمعاء في التجربة الأخيرة إصابة الفئران بجرثومة “سيتروباكتر رودنتيوم” التي تعطي مفعولاً مشابهاً للالتهاب المرافق للمرض. أدى إطعام الفئران كميات كبيرة من الفركتوز إلى نمو الجراثيم وتفاقم الالتهاب.
أخيراً، أكد العلماء على وجود رابط بين الفركتوز ومرض التهاب الأمعاء في نموذج عام من المرض. يعيد هذا النموذج إطلاق نوع من الاستجابات المناعية التي تجعل بعض الناس أكثر عرضة لالتهاب القولون. مجدداً، أدى تناول كميات كبيرة من الفركتوز إلى تفاقم التهاب القولون لدى تلك الحيوانات.
تجارب أخرى في الأفق
يعترف الباحثون بأن نماذج المرض التي استعملوها في تجربتهم قد لا تعكس بدقة التفاعل المعقد بين الحمية الغذائية والبيئة الميكروبية في الأمعاء والمرض الذي يصيب البشر.
يُعتبر هذا الشكل المفتعل كيماوياً من التهاب القولون نهجاً فاعلاً من الناحية العلمية لدراسة مرض التهاب الأمعاء لدى البشر. لكن استعمل العلماء في هذه الدراسة جرعات مرتفعة جداً من الفركتوز إلى جانب عدد ضئيل من المغذيات الأخرى.
لهذا السبب، قد لا تتكرر النتائج نفسها مع البشر إلا في ظروف خاصة جداً. يخطط الباحثون مستقبلاً لتحليل أفضل الطرق لمنع الآثار الالتهابية للفركتوز الغذائي.
يصبح المصابون بمرض التهاب الأمعاء أكثر عرضة لسرطان القولون نتيجة إصابتهم بالتهابات معوية مزمنة على مر حياتهم. يخطط العلماء أيضاً لتقييم مدى قدرة الحمية الغنية بالفركتوز على زيادة نسبة الخطر بدرجة إضافية.