كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يقف رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط منتظراً هذه المرة أن تنتهي فترة الإنتظار التي حددها “محور الممانعة” حتى موعد الإنتخابات الأميركية وليس أن تمرّ “جثة عدوه” على ضفة النهر.
عاد جنبلاط من زيارته الأخيرة إلى باريس وهو يدرك أن تغيراً ما قد يرسم على صعيد المنطقة، فالملف اللبناني خرج من إطاره المحلي وأصبح أزمة دولية يقود مهمّة حلحلتها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كذلك فإن ملف التطبيع بين الخليج وإسرائيل يسير على قدم وساق. أما المفاجأة فقد أتت من جنوب لبنان بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري وبتكليف من “حزب الله” الإتفاق مع إسرائيل على ترسيم الحدود، وهذا الأمر إستفزّ جنبلاط الذي إستعمل وسيلة تعبيره الأفضل وهي التغريد عبر “تويتر” منتقداً ما حصل وقائلاً: بعد أن أجهضت قوى الممانعة المسعى الفرنسي وبمساعدة القوى الإنتظارية وبتناغم غريب بين الخليج وأميركا وإيران، ها هي تحاور عبر الحدود البحرية، هنا مسموح التفاوض وهناك ممنوع وفي هذه الأثناء لا خطة لمواجهة كورونا مع هجرة كثيفة للممرضات والاطباء، فهل كورونا من أسلحة الممانعة السرية؟”. يعدّ زعيم “الإشتراكي” لحظات الإنتظار الصعبة، وهو يدرك أن اللعبة خرجت من أيدي اللبنانيين وباتت في عهدة المجتمع الدولي، وأي فريق داخلي ليس قادراً على التواجد الى طاولة المفاوضات، في حين أن “حزب الله” حليف إيران يتحدّث مع الخارج عموماً ومع واشنطن خصوصاً من موقع القابض على قرار الدولة والقوة العسكرية التي تقاتل في ساحات المنطقة وليس من منطلق أنه حزب لبناني، وبالتالي فان جنبلاط يفتقد إلى حليفه الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي لو لم يستشهد لكان حجز للبنان الدولة مكاناً على طاولة المفاوضات. وأمام كل هذه الوقائع والأحداث، فان الحزب “التقدمي الإشتراكي” لا يزال على موقفه، وهو يعتبر أن أي حكومة سياسية، حتى لو برئاسة الرئيس سعد الحريري ويكون لـ”حزب الله” والعهد و”التيار الوطني الحرّ” الوجود الأقوى فيها، ستؤدي حكماً إلى تجدد الأزمة ولن تحصل على الدعم الدولي اللازم.
ويدعو “الإشتراكي” إلى تسريع الدعوة إلى الإستشارات النيابية الملزمة لإختيار رئيس حكومة مكلّف، مع علمه أن الحل السياسي مرتبط بالإنتخابات الرئاسية الأميركية، لذلك سيمعن “حزب الله” مع حلفائه في المماطلة إلى تشرين الثاني، ومن الآن وحتى ذاك التوقيت ستشهد الساحة اللبنانية مزيداً من الإنهيارات الإقتصادية وسط التخوف من أن يتوتر الوضع الأمني وتدخل البلاد مرحلة الفوضى على الصعد كافة. يرى جنبلاط في المبادرة الفرنسية فرصة للإنقاذ وعدم إنهيار الوضع، ولذلك يجب إبقاؤها على قيد الحياة وإلا فان موتها سيعني دخول البلاد في المجهول، من هنا يُصرّ “الإشتراكي” على عدم ربط لبنان بالإنتخابات الأميركية والعودة فوراً إلى روحية مبادرة ماكرون، لأنه حسب التجارب السابقة فان الفرنسي لديه مصالح لكنه لا يبيع ويشتري كما الأميركيين.
لا شكّ أن جنبلاط لم يعد بالقوة نفسها مثل فترة ما بعد الحرب أو بعد نشوء تحالف “14 آذار” أو “بيضة قبان”، لكن لا يمكن لأحد أن يضعه على الهامش او التعامل معه كأنه قوة غير موجودة، وبالتالي فان زعيم المختارة لا يملك أي مبادرة وهو في موقع الوسط وليس مع تسجيل الأهداف بين قوى الداخل، لكنه لا يريد أن يتفرج على البلد وهو ينهار، لذلك فانه منفتح على كل مبادرة حل ممكنة.